من اليوم الذي أصبح فيه ساتيا ناديلا الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت، دعا عدة عشرات من نواب الرئيس إلى مأدبة إفطار، ووجه لهم موعظة بسيطة وهادئة: "هل بإمكانكم الرفع من مستواكم؟". كانت لهجة المهندس بعيدة عن الصراخ والايماءات العنيفة التي يفضلها مندوب المبيعات سلفه ستيف بالمر والاستجوابات الواضحة الحادة من المؤسس المشارك بيل جيتس. حيث يؤكد نهج ناديلا على نمط النبرة المنخفضة والتحليلية التي جلبها لمنصب الرئيس التنفيذي منذ أن تولى المنصب في شباط فبراير الماضي، كما أنه يسعى لاصلاح أكبر شركة للبرمجيات في العالم. وقد قام ناديلا بكشف النقاب عن خطط لخفض أكثر من 18 ألف فرصة عمل، ليقضي بذلك على منتجات غير واعدة ويعزز مبيعات أدوات الحوسبة التي يتم تسليمها عبر الإنترنت، في حين يسعى للحد من اعتماد الشركة على البرامج التي تم تثبيتها على أجهزة الكمبيوتر الشخصية. وقال جيف تيبر، رئيس استراتيجية الشركات في مايكروسوفت، عن ناديلا في مقابلة في آذار مارس: "إنه واحد من هؤلاء الرجال الذين تكره أن تقول بوجهه لا". يشار إلى أن تيبر هو الذي عين ناديلا في الشركة في عام 1992. ويقول: "ستيف وبيل هما أكثر مواجهة بكثير- إنهما يتحديانك لجلب لعبتك إلى أعلى مستوى. إن الأمر معه أشبه بقولك «لا بأس أنا لا أريد أن أخيب ظن الرجل، اسمحوا لي بالعمل بجد كثر قليلاً هنا». "إنه ذكي للغاية، وكريم، لكنه أيضاً متطلب إلى حد فائق". قد يحتاج مساعدو ناديلا إلى بذل المزيد من الجهد للتغلب على التحديات التي تواجه مايكروسوفت. فقد فشلت الأجهزة اللوحية السطحية والهواتف الذكية بنظام تشغيل ويندوز في تحقيق أكثر من بضع نقاط مئوية من الحصة السوقية، في حين ان صناعة الكمبيوتر تسير على مسار التقلص للعام الثالث على التوالي. سيحصل المستثمرون على مزيد من التبصر في ما إذا كانت جهود الرئيس التنفيذي الجديد ستؤتي ثمارها في وقت لاحق عندما يتم الإعلان عن تقارير مايكروسوفت للأرباح الفصلية. مايكروسوفت، ومقرها في ريدموند، واشنطن، من المتوقع أن تسجل ذلك الربح، وباستثناء بعض البنود، انخفض أداؤها إلى 60 سنتاً للسهم في الربع الرابع من السنة المالية حتى حزيران يونيو، وذلك وفقاً لمتوسط تقديرات المحللين التي جمعتها بلومبيرج. ومن المتوقع أن يرتفع إلى 16 في المائة لتصل المبيعات إلى 23 مليار دولار. سوف ينتج عن تقليص عدد الوظائف، التي يتعلق معظمها بالاندماج مع وحدة الهاتف نوكيا، رسوماً تتراوح من حوالي 1.1 مليار دولار إلى 1.6 مليار دولار خلال الأرباع الأربعة القادمة. ولم تكشف مايكروسوفت حتى الآن عن العدد المتوقع إنقاذه من التسريح من العمل. وقال مارك موردلر، المحلل في سانفورد C. بيرنشتاين، لقد ذهبت كل من توقعات المحللين التي تغطي شركة "خارج النافذة"، وذلك في انتظار سماع ما لدى ناديلا والمدير المالي إيمي هود ليقولانه عن الأثر المالي للتدابير. حتى الآن، قام المستثمرون بتأييد جهود ناديلا، وهو ما دفع بأسهم مايكروسوفت بنسبة 20 في المائة هذا العام بحيث تبلغ قيمة الشركة 17 ضعفاً من الأرباح المتوقعة. وفي حين أن هذا أعلى من أوراكل كورب بحوالي 13 ضعفاً، تتخلف مايكروسوفت عن رائدة الحوسبة السحابية Salesforce.com، والتي يتم تداولها بمعدل 105 أضعاف الأرباح المتوقعة. وقال برنت ثيل، المحلل في بنك UBS AG في سان فرانسيسكو: "كانت الحقيقة الواضحة بين الجميع هي نوكيا، والآن الحقيقة الجديدة هي من لديه مخزون مرتفع كثيرا من بداية العام حتى الآن، هل الأساسيات ستقدم الآن ما يدعم ذلك الارتفاع؟". خفض الوظائف وتبسيط طبقات الإدارة ليست مجرد توفير للمال، إنها أمور تدور أيضاً حول تغيير ثقافة مايكروسوفت من خلال تسريع عملية صنع القرار وتطوير المنتجات. التركيز الرئيسي لناديلا هو تحفيز العمال لتحدي الممارسات الراسخة التي يمكن أن تعمل على تباطؤ الشركة باستمرار. وقال ناديلا في مقابلة في 10 تموز يوليو: "أريد أن نكون أكثر فطنة من ذلك بكثير وحاسمين". وأضاف "كيف لنا إذن أن نقوم بتمكين المهندسين ومندوبي المبيعات في هذا المجال ليكونوا قادرين على اتخاذ قرارات دون الحاجة للذهاب للدوران في حلقة مفرغة؟". يرى الرئيس التنفيذي الجديد أن التركيز الرئيسي لمايكروسوفت كونها شركة "للإنتاجية والمنصات" على غرار مايكروسوفت في التسعينيات عندما انضم إليها ناديلا. في تلك المرحلة كان للشركة قسمان- واحد يركز على أسرة مكتب البريد الإلكتروني وجداول البيانات والمستندات والتطبيقات، والآخر على ويندوز، برنامج الكمبيوتر الرئيسي للشركة. ورؤية ناديلا لهاتين الفئتين أكثر طموحاً بكثير وذلك كما قال في المقابلة، وإنها تركز على كيفية توفير هذا النوع من المنتجات في عالم الجوال والسحابة بدلاً من توفيرها في واحد من أجهزة الكمبيوتر الشخصية والخوادم. للوصول إلى ذلك، يريد ناديلا من موظفيه بناء المنتجات من وجهة نظر منافسة، بدلاً من وجهة نظر السوق الرائدة التي كانت فيها الشركة في جزء كبير من تاريخها البالغ من العمر 39 عاماً. كذلك كان ناديلا سريعاً في إنهاء المشاريع التي لا يعتبرها أساسية في مهمة مايكروسوفت الجديدة. فقد قرر في مايو أن يسحب نسخة صغيرة من جهاز مايكروسوفت اللوحي Surface. وفي الأسبوع الماضي أعلن عن خطط لإنهاء جهود طموحة لتطوير برامج تلفزيون أصلية من أجل لعبة Xbox. ومن أجل تعزيز فكرته عن أن مايكروسوفت ينبغي أن تركز على إنتاج المنتجات وعلى الهندسة، قرر ناديلا الاستعاضة عن الاجتماع السنوي في استاد محلي ليحل محله أسبوع متواصل من الجلسات والنقاش، سيعقد في الشهر المقبل. وقال في مقابلة في وقت مبكر من هذا الشهر: "أريد أن أعطي الجميع الإذن لأن يشككوا حتى في أي جانب معتمد يمكن أن يكون لدينا لكنه يعترض الطريق. لا يوجد شيء اسمه ثقافة ساكنة. أريد أن نتمتع بالقدرة على التساؤل والتجريب والتغيير".