لم تكن الحالة العراقية لتصل إلى ما وصلت إليه من تدهور في الأوضاع الداخلية للعراق، لو لم يكن التدخل الإيراني بالتواجد العسكري، وبالدعم المالي للمالكي بهذا الحجم الذي لم يعد سرا، بل هو معلن وبشكل يتحدى كل العالم، بعد أن تحدى العراقيين سنة وشيعة، فليس كل الشيعة العراقيين مع المالكي في خضوعه المذل لإيران، وهناك من الشيعة في العراق من يرفضون هذه الوصاية الإيرانية والتحكم في حاضر ومستقبل العراق ومصير أجياله، بعد أن وصل الحال في العراق إلى ما وصل إليه من تدهور في أوضاعه الداخلية، ومن تمزق بين أطيافه، ومن انحسار في علاقاته مع دول الجوار العربية، وبعد أن أصبح معبرا إيرانيالسوريا لزيادة حالة الاحتراب في أرجائها، ولتصبح العراقسوريا أخرى تستجدي عطايا إيران المغموسة في الطائفية والعنصرية والعداء السافر لكل ما هو غير إيراني، من عرب أو أكراد أو سواهم من أطياف الشعب العراقي. وجاءت تصريحاته الأخيرة لتزيد الأكراد بعداً عن بغداد، وبالتالي تزيد من احتمالات تقطيع العراق إلى أوصال ضعيفة. لقد أضحى الحديث عن مستقبل العراق غارقا في التشاؤم رغم التقدم الذي تحرزه ثورة القبائل العربية التي آلمها ما وصل إليه الحال في بلادها، فتحركت لتصحيح مسار سياسة المالكي بعنصريته المتطرفة.. مما ينذر بحرب أهلية طاحنة، خاصة بعد تحريض المالكي لطائفته بحمل السلاح في دعوة صريحة لحرب طائفية أهلية لا يعلم إلا الله مصير المشاركين فيها، ما دامت إيران ترمي بكامل ثقلها إلى جانب المالكي وأعوانه من الطائفيين الذين لا يريدون خيرا بالعراق وأهل العراق، وصولا إلى تقسيمها لتستولي إيران وبشكل عملي على الجزء الأكبر منها، والمالكي مهما انغمس في مستنقع الطائفية الآسن، لن ينال شروى نقير من مكانة الذين نذر نفسه للإساءة إليهم من دول الجوار العربية. لقد حفل تاريخ العراق الطويل والمثخن بالجراح بالكثير من المآسي التي كان للأجنبي دوره البشع فيها، وعبر ذلك التاريخ تصدى العراقيون للغزاة بقوة وصلابة، للحفاظ على كرامة وطنهم ووحدة أراضيه، وها هو اليوم يعيش المآسي نفسها على يد إيران التي نسي قادتها أن العراق عصية على الغزو أيا كان مصدره، أو لونه أو دوافعه، وها هو العراق الآن يقف في وجه المالكي ومعه المليشيات التي تمولها إيران من أجل زعزعة أوضاعه، وطمس هويته، في ظروف إقليمية ودولية تنذر بالخطر. المالكي بعد أن وقع في مستنقع الطائفية لم يجد وسيلة لتبرير هذه الخطيئة سوى التهجم على دول الجوار العربية، بدل أن يعود إلى رشده، ويعرف أن انتماءه العراقي العربي هو الضمانة الحقيقية لإنقاذ العراق من ويلاته، وأن إيران لا ترى فيه سوى مطية لتحقيق أهدافها، وبعد ذلك سترمي به في مزبلة التاريخ، كما يعرف تمام المعرفة أن المرجعية العربية للعراق أقوى وأبقى من أي مرجعية طائفية بغيضة، وتهجمه على دول الجوار لن يزيده إلا عزلة، حتى وإن ساندته جميع قوى الشر والباطل في العالم كله، وإذا أراد لنفسه أن يكون أسد العراق، فهو أسد بمخالب وأنياب مستعارة من إيران كما هو حال قرينه في سوريا، وفي الحالتين فإن إيران لا تبحث إلا عن مصالحها وليس مصالح السوريين أو العراقيين، لذلك تصر على مساندة وتمويل الميليشيات المسلحة في لبنانوالعراقوسوريا كحزب الله ولواء أبو الفضل العباس وفيلق القدس، وغيرها من التشكيلات العسكرية الإرهابية التي ينضوي تحت لوائها المجرمون والمرتزقون وشذاذ الآفاق والمتاجرون بقضايا أوطانهم. لم يعد يخفى على أحد الدور القذر الذي يلعبه المالكي في تدمير العراق، بهدف تحقيق تبعيته لإيران، وهي غاية دونها خرط القتاد، فلا إيران ولا غيرها قادرة على إخضاع وتركيع العراقيين سنة وشيعة، ولا المالكي بقادر على مواجهة طوفان الرفض لسياسته بما فيها من رعونة وتخبط، وستظل العراق صخرة مستحيلة الاختراق أمام الأطماع الإيرانية السافرة التي تعبر عن الوجه القبيح للنهج العدواني الإيراني البشع والمشوه بعدائه التاريخي للعرب، رغم نذر الانفصال التي بدأت تلوح في أفق شمال العراق، نتيجة لهذه الرعونة والتخبط في سياسة المالكي، فهو ومعه من دار في فلك الفساد في الأرض وعمل على إضعاف العرب، من الداعشيين والحوثيين، كلهم سبب تنمر إسرائيل، ووحشيتها في غزة وغيرها.