لاتساع نطاقها الجغرافي؛ تتشارك المملكة الحدود مع كثير من الدول العربية التي تشهد أراضيها توترات أمنية وانقسامات داخلية، شجعت كثيرا من الخلايا الإرهابية لاتخاذها مراكز لانطلاق أعمالها الإجرامية. وتكاد تكون حدود المملكة مع اليمن والعراق الأكثر خطورة لتوغل تنظيمي القاعدة وداعش فيها، والمواجهة الأخيرة مع إرهابيي تنظيم القاعدة في محافظة شرورة، توضح مدى الخطورة التي تشكلها تلك المنافذ، وما يتطلبه الأمر من تحصين لتلك الحدود التي قد يتسلل عن طريقها الإرهابيون. والتحصين لا يكون أمنيا فحسب، وإنما كذلك متابعة من نزحوا إليها من الدول المحاذية، وهؤلاء كانوا قبل فترة وجيزة مواطني دولة أخرى. لكن لظروف المعيشة ربما، أو لاعتبارات أخرى دخلوا الحدود السعودية، ومنح الكثير منهم إقامات ووطنوا في أحياء كاملة، والفكرة ليست في ذلك وإنما في عملية انسلاخ الشخص من ولائه لوطنه الأم ومنهج تربى عليه، ليكون مواطنا صالحا في دولة أخرى يخلص لها ويدافع عن حماها بحياته، وهذا ليس افتراضا، بل حتى الإنسان البدائي ظل ارتباطه لموطنه الأول، رغم كل المحاولات لدمجه في مجتمعات متحضرة توفر له سبل الحياة الرغدة. إن الارتباط بالأرض هو أعظم واقوى ارتباط، وهو ما يدفع المرء إلى بذل حياته دفاعا عنها، فهو امتزج بالمكان منذ الولادة وحتى أن ذهب بعيدا فالحنين يبقى، ومن أكره على ترك وطنه فهو يحقد على المتسبب سواء كان داخله أو خارجه، وبعضهم قد يهاجر إلى دولة ما لكنه يحمل لها ولمواطنيها ضغينة لأنهم ينعمون بالأمان والاستقرار، ويعتقد أن له الحق في أن يتمتع بهذه المميزات، بل قد يرى أن ما يعانيه موطنه من ويلات الفقر والحرب تتحمل تلك الدول جريرته، وهذا الشعور هو ما يدفع بالبعض إلى عدم الاندماج في المجتمعات المهاجر إليها، بل ومن السهل استهدافه من قبل الجماعات المعادية لأنظمة تلك الدول لتنفيذ مخططات تخريبية. وقد ورد من ضمن أفراد التنظيمات الإرهابية أسماء بعض المجنسين في السعودية، والذين تلقفتهم أيدي المتشددين منذ وقت مبكر، وزرعت فيهم فكرها في غفلة عن الجهات المعنية بمتابعة شؤونهم، وفي ليلة وضحاها انتشر الفكر المتشدد والمعادي بين هذه الفئات، ولان الأمر أصبح يمثل خطورة على البلد، فلابد من إعادة النظر في كيفية التعامل مع الكثير ممن منحوا الجنسية السعودية ومتابعة أوضاعهم بعناية.