(لعن الله من غير منار الأرض) حديث نبوي كريم رواه مسلم في صحيحه، استرجعت هذا الحديث الشريف وأنا أستمع إلى المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية اللواء منصور التركي وهو يعلن عن التنظيم الإرهابي الذي تم القبض على عناصره ممن ارتبط بتنظيم داعش الإرهابي الذي كان يهدف إلى تفجير المنشآت الحكومية واغتيال المسؤولين وإحداث فوضى في البلاد وبين العباد واستهداف المصالح الأجنبية القائمة على أراضي المملكة. فاستحق هؤلاء لعنة الله ورسوله لأنهم أرادوا ظلما وعدوانا تغيير منار الأرض ومعالمها وإحداث فوضى واضطراب في أمنها وأمانها. ارتبط هؤلاء بتنظيم وحشي دموي لا يجيد إلا القتل والذبح بدون وجه حق يستهدف الآمنين والمعاهدين والأطفال والنساء والشيوخ في صورة دموية ووحشية في عدوانها على كل مخلوقات الله. وقد شرع الله للعقلاء وأصحاب الحكمة محاربة هذا الفكر ومن يقف وراءه من الباغين والخوارج وأصحاب الفكر المتشدد وقتالهم مخبرا عليه الصلاة والسلام أنه ستكون هنات وهنات فمن أراد أن يفرق جماعتكم فاقتلوه. وهذا يعني أن ليس لهؤلاء المفسدين إلا القتل لأن هدفهم محاربة الله ورسوله والسعي في الأرض فسادا. هؤلاء المحاربون هم الذين يحملون السلاح ويدخرونه ويهربونه إلى داخل الوطن لاستخدامه في القتل والتخريب، يقول الإمام مالك في ما ذكره أبو حيان في البحر المحيط 4/183 إن الآية القرآنية جاءت واضحة صريحة في أمثال هؤلاء المفسدين يقول الحق (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا) ولم يقل عز وجل أن يستتابوا أو يراجعوا بل يقتلوا لكي يعتبر سواهم وتخلو الأرض من شرورهم كما أكد ذلك رئيس تحرير عكاظ في مقاله يوم الأربعاء 8 رجب. فوجود 35 عنصرا إرهابيا من عناصر القاعدة سبق أن قبض عليهم وأطلقوا بعد أن منت عليهم الدولة بالحرية وقدمت لهم كل سبل العيش الكريم لعل وعسى أن يتراجعوا عن غيهم وضلالهم ولكن كان ذلك الإحسان والمعروف في غير أهله. لقد أثبتت الأيام وبما لا يدع مجالا للشك أن التعاطف مع هؤلاء بالمناصحة «وقولوا للناس حسنا» غير مجدٍ بعد أن عشش الفكر العفن في رؤوسهم فرضوا بالجهاد المزيف وتفجير أنفسهم ظلما وعدوانا، فالآية الكريمة بينت الفساد الذي يوجب القتل، فمثل هؤلاء دوافعهم واحدة وعملهم يهدف إلى إلحاق أكبر ضرر بالمملكة وزعزعة أمنها واستقرارها، ولازال أمامنا طريق طويل لمحاربة الفكر المتشدد الذي خرج من رحم المغالين والمتشددين ومن الذين غسلت عقولهم في حضانة هؤلاء نتيجة قراءات وأطروحات وتفسيرات لا دليل عليها لا من الكتاب أو السنة ولا أثر لها إلا في عقولهم المريضة التي أنتجت هذا الإرهاب الذي اكتوينا بناره وجعلنا لعنة في عيون الأمم الأخرى الآمنة التي أصبحت تخاف منا ولا تأمن جانبنا وحولتنا من أمة مسالمة إلى إرهابيين قابلين للانفجار ندمر كل شيء. ونمثل تهديدا مباشرا لحياة الآخرين المسالمين وقيمهم الحياتية وما ارتضوه كمعايير في إدارة شؤون حياتهم وطرق معاشهم. يقول أحد هؤلاء الفجرة الإرهابيين (إنه لن يهدأ لهم بال حتى يبيدوا خضراءهم). لذا فهم لا يدشنون حربا صليبية جديدة على ديار المسلمين كما كتب الزميل عبدالعزيز القاسم ذلك قبل أيام وإنما يدافعون عن حقهم في الحياة والعيش الكريم من مجموعة ادعت الإسلام وهي بعيدة كل البعد عن سماحته، لقد صدرت القرارات الملكية الحكيمة الأخيرة تجرم كل من ينتمي إلى التنظيمات الإرهابية ومن يقف وراءها، لذا فإن محاكمة هذه الخلية الإرهابية الخارجة من رحم القاعدة وداعش سوف تكون وفق أطر الأمر الملكي الجديد بتشريعاته المنظمة ليضع الأمور في نصابها ويوقف مسلسل سفك الدماء ويكف شر الباقين وأذاهم عن هذا الوطن وأهله والوقوف بكل شده أمام أهدافهم المفخخة للمساس بوحدة الوطن وأمنه وسد لكل الذرائع المفضية إلى هذه الجرائم واستئصال هذا الفكر، إن القرار الملكي إنما أتى تتويجا لعدة قرارات وإجراءات أخرى سابقة لتفكيك الكثير من المفاهيم المغلوطه التي سادت في فترة مظلمة تسمى (الصحوة) ولازالت أفكارها تعشش في عقول المريدين والمضللين، ورحم الله سمو الأمير نايف بن عبد العزيز الذي لمح وصرح في أكثر من مناسبة أن نجاح الأجهزة الأمنية في توجيه ضرباتها الاستباقية إلى القاعدة وأعوانها داخل الوطن لم يقابله نجاح يذكر في محاربة الفكر الضال وتفكيك أوصاله وحمله على الجادة الحقيقية للإسلام. فلازال بيننا شقي ومحروم يزين لشباب الوطن المفاهيم المغلوطة عن هذا الدين، لابد من أن نتكاتف جميعا أفرادا ومؤسسات في تفكيك هذا الفكر ومحاربته ونشر الوسطية وعدالة الإسلام خاصة من منابر الوعظ والإرشاد. حمى الله الوطن وأهله من شر هؤلاء المندسين بيننا في جامعاتنا ومدارسنا ومساجدنا ووسائل إعلامنا. إجراءات تصحيحية عدة تصب كلها لصالح الوطن والمواطن وخير الأمة الإسلامية جميعا يقودها ملك الإنسانية لمستقبل أفضل.