حول وزارة العمل في تنظيم عمل المرأة والقرارات الصادرة، قام ملحق «آفاق الشريعة» بفتح باب النقاش والتحقيق مع أعضاء حوار العقل الذي يديره عسكر العسكر الباحث في الفكر الإسلامي والقانون، حول دور هيئة كبار العلماء في الأنظمة والقرارات الصادرة من الوزارات، وهل بإمكانها الاطلاع عليها وعمل دراسة شاملة ومعرفة الأبعاد المستقبلية وإجازتها أو رفضها؟ فكان التالي: آلية واضحة قال اللواء د. بركة الحوشان مدير المعهد العالي للدراسات الأمنية بكلية الملك فهد- سابقاً-: عندما نتحدث عن قرارات الدولة التي تصدرها الوزارات وخطط الأعمال أرى أنها يجب أن تخلو من المحاذير الشرعية حتى لا تسبب بلبلة لدى الرأي العام، ويقف دور هيئة كبار العلماء وأعضائها في أمر محيّر في هذه الحالة فلا يستطيعون الحديث عنه دون أخذ رأيهم، ويطالبون بأن يكون لهم رأي. وأرى أنه لا بد أن يكون لهيئة كبار العلماء آلية واضحة إذا حدث ما يستوجب إبداء رأيها، وأن تمر القرارات عبرها إذا كان الأمر يستوجب عرضها عليهم قبل صدور الأوامر والقرارات. قضايا وإشكالات ويقول خالد الدبل مدير الشؤون المالية بالاتصالات: في تصوري ان المقترح بهذا الشكل سيجعل هيئة كبار العلماء تنغمس في قضايا وإشكالات مع الجهات الحكومية وتصبح قراراتها غير نافذة إلا بمباركة الهيئة، لاسيما في القرارات ذات البعد الشرعي، والرأي أن تكون هناك لجنة عليا، الهيئة عضو فيها، لدراسة القرارات قبل صدورها، وتبقى هيئة كبار العلماء جهة حكومية شأنها شأن بقية الجهات الحكومية لها صلاحيات محددة، فلا يمكن أن تكون مراقبة لكل ما يصدر من الجهات الأخرى من قرارات بهذا الشكل، نحن نحمل الهيئة فوق طاقتها وصلاحياتها، والمعروف أن الهيئة تبدي رأيها فيما يعرض عليها كتابياً وما يطلب منها ولي الأمر، وهي هيئة حكومية اتفق أنها تحتاج إلى تطوير. مطلب واحتياج ويرى اللواء صالح المهوس مستشار أمير المدينةالمنورة- سابقاً- أن الجهة الشرعية القادرة على اتخاذ القرار مطلب تحتاجه البلاد والعباد، ويقول: أعتقد أن مراقبة الأنظمة وتوافقها مع المنهج العام لهذه البلاد يتطلبان مراجعته من قبل جهة تستطيع إجازته أو رفضه وهذه الحالة لا تختص بها كما يرى البعض هيئة حقوق الإنسان التي هي موضع شك بالنسبة لتطبيق الشرع، وأرى أن الجهة الوحيدة المؤهلة هي المحكمة العليا لو أتيح لها ذلك. قسم استشاري وحول هيئة حقوق الإنسان وهل هي مسؤولة عن مراقبة تطبيق الأنظمة، قال الشيخ المحامي عبدالمجيد الرشيد: هيئة حقوق الإنسان هي فرع إداري من هيئة الخبراء ومنصوص بنظامها ولديها الصلاحية، ومسؤوليتها مراقبة لضمان تطبيق الأنظمة، وللشخص أن يطالب منها ما خالف الكتاب والسنة وفق النظام الأساسي في الأنظمة لترفع لهيئة الخبراء في مجلس الوزراء، أما عن تجديد الأنظمة فمن السهل تنافس المكاتب القانونية لتجهيزها وفق ما يحدد لهم بأنها لا تخالف الكتاب والسنة. بالإضافة إلى أن هيئة كبار العلماء بإمكانها ذلك إذا تم توفير قسم استشاري مستقل يعرض عليه كل قرار حكومي بعد دراسة شاملة وبيان للأبعاد المحتملة. المحكمة العليا وأضاف الباحث والمفكر رئيس قسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك فهد للبترول د. مسفر القحطاني: المحكمة العليا لها حق الرقابة على الأنظمة، ومجلس الشورى في نظامه ما يكفل التقدم بمشروع نظام أو الملاحظة عليه، وليس من المصلحة تعدد الجهات التشريعية، وقد تم تقديم مشروع مقترح لتطوير عمل الهيئة وسلّم لسماحة المفتي منذ زمن، ولعله يكون تطويراً لاستيعاب متطلبات المرحلة واحتياجات الواقع، وتفعيل دور المحكمة العليا هو الأولى من وجهة نظري في مراقبة الأنظمة من الناحية الشرعية. سيل جارف وفي نفس السياق يقول الباحث في الفكر الإسلامي والقانون عسكر العسكر مدير حوار العقل: الكلام النظري يختلف عن الواقع، فبعضها كهيئة حقوق الإنسان عملها نظري، وفي النظم الدولية تتبع هذه الهيئة لمنظمات دولية أو أممية فلا يكون لها ولاية على الأنظمة إلا برفع دعوى ضد النظم، ولو عدنا إلى أي نظام نجد أنه من 150 مادة بأربع صفحات والتعاميم أكثر من 150 تعميما، ودخول هيئة كبار العلماء في ذلك يعد كالسيل الجارف؛ ولكن الأنظمة سترحل كما تخلفها العاصفة وإذا وجدت القوة التنفيذية تحقق النظام الذي من المهم أن يكوم متزامناً مع الزمان والمكان. وأردف: هل الموجودون في هيئة كبار العلماء أكبر علماً ممن يقررون الأنظمة أو العكس؟ نعم، يمكن الاستعانة في المشاريع من قبل الجهات الأولية التي تقدمها للسلطة التنظيمية، لا فوق ذلك، وقد اطلعت وراجعت كثيراً النموذج الأردني وأرى أنه متجدد وهذه- وجهة نظر خاصة-. لجان تخصصية وشارك في الموضوع عضو المجلس البلدي بحاضرة الدمام د. عماد الجريفاني: هل بإمكان هيئة كبار العلماء بوضعها الحالي النظر في جميع التخصصات، بهذا تحتاج إلى لجان تخصصية جمعت بين التخصص والعلم الشرعي كي تتمكن من النظر في الأنظمة. سبق وذكرت تجربة أرامكو في ابتعاث تخصصات علمية لدراسة القانون في أشهر الجامعات في أمريكا ليتمكن محامي الشركة من فهم تخصص الشركة حتى أنهم طلبوا ابتعاث خريجي الشريعة لدراسة القانون ليجمعوا بين الاثنين لاسيما في التعامل مع الشركات العالمية. مأمونة وقادرة ويعلق الشيخ د. محمد بن ناصر الغامدي أستاذ السنة النبوية بجامعة الدمام حول الموضوع، قائلا: إن صح ما يقال عن رفع هيئة كبار العلماء تصورا للنهوض بعملها؛ وقد أخره التواكل أو غيره من جهات أخرى ذات علاقة؛ أرى أن من المهم أن تبيّن الهيئة ذلك للمهتمين من الشرعيين وغيرهم كشأن الجهات الأخرى، وهي بهذا أحرى، وعليه آمن. ثم إن عليها أن تعلن حدوداً دنيا لاختيار الأعضاء والباحثين، وللجهات المعنية تعيين من ترى أنه أصلح ممن اجتمعت فيهم الحدود الدنيا وفق آليات شفافة ومعلنة. والمأمول أن يترك ذلك برمته لمؤسسة الافتاء؛ فإنها إن لم تقم بنفسها كان قيامها بشأن البلد الشرعي محل تشكيك من البعض، وهي مأمونة قادرة بعون الله تعالى. ومهما يكن من شيء فإن أمام هيئة كبار العلماء وأمانتها وإدارتها عمل كثير وكبير للاضطلاع بكل ما يؤمله منها الراعي والرعية. نقاط وحلول وبدأ الشيخ أ.د. سعود الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام بالرياض- سابقاً- بذكر بعض النقاط، في حال أريد لهيئة كبار العلماء أن تعمل حقاً ويكون لها رأي في كل مشاكل الحياة ومستجداتها فلا بد من: – أن يكون جميع أعضائها متفرغين. – ويدخل في عضويتها علماء جدد متمرسون في شتى التخصصات التي تهم المجتمع. – ولا مانع أن تكون تخصصات الأكثرية منهم دراستهم شرعية. – يتوزع أعضاء الهيئة على عدة دوائر علمية كدائرة للفتاوى الفردية وأخرى لاستفتاءات المصالح الحكومية والأهلية، وثالثة للنوازل والمستجدات العصرية، وهكذا. – وتتولى أمانة الهيئة استقبال الاستفتاءات وتبليغ الفتاوى لطالبيها. وأشار الفنيسان إلى أن جهود هيئة كبار العلماء بواقعها الحالي محدودة، وقال: إذا كان جدول أعمال جلسة الهيئة لا بد أن يُعتمد من جهة عليا قبل انعقادها، ولم يفرغ لها حتى اليوم باحثون على مستوى عال ولو في واقعها الحالي فماذا يقال؟، وإذا كان لكل وزارة ومؤسسة حكومية فرع في كل مدينة من مدن المملكة وهيئة كبار العلماء أعلى سلطة تفتخر بها الدولة وسماحة رئيسها يرتبط بالملك مباشرة، ومع هذا كله حتى الآن لا يوجد لها فروع ولو على مستوى الفتوى الفردية، وكم مر على الناس من مستجدات ومتغيرات في غضون عشر سنوات وهم يترقبون بلهف رأي العلماء وأقرب وآخر حدث لم تتحرك له الهيئة: تمزيق الطلاب جماعياً كتبهم بعد الاختباروالكتابات الإلحادية في الصحف ووسائل الإعلام إذ لم تتحرك الهيئة عند كتابات بعض المبتدعين فقولوا لي بالله متى تتحرك؟ – واذا لم يكن هذا غيابا- او تغييبا لها عن قضايا المجتمع الدينة فما هو الغياب؟؟ نعم قد لا تريد هي ان تغيب. وختم الفنيسان حديثه بقوله: نعم هيئة كبار العلماء- كمؤسسة دينية- في واد والمجتمع في واد آخر. هيئة الخبراء وذكر كريّم العنزي المستشار القانوني لحرس الحدود: لا أعتقد أن هيئة كبار العلماء لديها متسع من الوقت لتراجع جميع الأنظمة وتبحث في نصوصها إن كانت تخالف الشريعة من عدمه، ومشروع النظام يرفع لأمانة مجلس الوزراء والذي يحيله لهيئة الخبراء لمراجعته وبدوره يطلب ممثلين من الجهات ذات العلاقة مع ممثلين من العدل والمظالم، وقد شاركت في مناقشة أكثر من مشروع نظام في هيئة الخبراء وشارك معنا ممثلون من وزارة العدل والمظالم وكانوا حريصين جداً على عدم مخالفة أي نص لأحكام الشريعة، وأعتقد أنهم يشاركون في مناقشة أغلب الأنظمة في هيئة الخبراء. كما أعتقد انه من الصعوبة بمكان مرور الأوامر والقرارات على هيئة كبار العلماء لإقرارها قبل التنفيذ. إصدار بيان وينوه الشيخ الداعية د. صالح اليوسف رئيس ونائب ومستشار عدة جهات خيرية ودعوية: هيئة كبار العلماء نظرها مقصور على ما يحال إليها من ولي الأمر لدراسته وإصدار قرار فيه، وهذا هو الغالب في عمل الهيئة ولم يجعل لسماحة المفتي زمام المبادرة في بعض الأمور التي تتعلق بمسائل تهم العامة بل منعوا من إصدار أي فتوى حسب المادة 12 من اللائحة التي جاء فيها لا يجوز لأحد من الأعضاء أن يصدر فتوى أو بحثا أو رأيا باسم عضويته في الهيئة العلمية أو منصبه كرئيس، وأذكر أن مسألة الإيجار المنتهي بالتملك اختلفت فيه أحكام القضاة فترة من الزمن، وكانوا يطالبون بصدور قرار أو فتوى فيها، وصدرت متأخرة من هيئة كبار العلماء، مع أن الأعضاء يفتون في ذلك بشكل شخصي وفردي خصوصاً أعضاء لجنة الفتوى، لكن المعتبر عند الناس هو قرار هيئة كبار العلماء وهذ الاعتبار أرى تعزيزه لدى العامة بتعزيز مقام هيئة كبار العلماء في صلاحياتها وتحديث أنظمة العمل فيها، وإن كان قد انبثق من الهيئة لجنة دائمة للفتوى الفردية في أمور الناس الخاصة ولها ضوابط منها موافقة أغلبية أعضاء هيئة كبار العلماء على فتواها لكن تبقى اللجنة في الأمور الفردية، كما نص على ذلك النظام، والثاني انعقاد هيئة الكبار كل ستة أشهر يعطي انطباعا بعدم الحاجة الماسة إليها، فكل الجهات الحكومية والفردية اجتماعاتها إن وصلت الحد الأدنى تصل لستة أو أربعة اجتماعات سنويا، ولعل الناس يطلعون على لائحة سير العمل في هيئة كبار العلماء مع العلم أن فتاوى عموم الهيئة ما زالت تحظى بالقبول من العامة في كل ما يصدر عنها، وهذا من الضروري استمراريته والعمل على ثباته في قلوب الناس لما في ذلك من توحيد لأمور الناس ووجود مرجعية تصدر الناس عن رأيها وقرارتها وفتاويها. وتأسيسا على ذلك من الصعب جداً أن تباشر الهيئة الاطلاع على كل كبيرة وصغيرة في كل نظام، لكن يجعل لها الحق في إصدار بيان في ذلك يوجه لمن يهمه الأمر ببيان وجه الخطأ الشرعي أو المخالفة أو الحكم. صناعة القرار وأشار اللواء د. أنور عشقي رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية إلى أن صناعة القرار تختلف في الاسلام عن غيره من النظم، وأردف: فبعد أن يستوفي القرار الوضعي إجراءاته، يصدر القرار. أما في النظام الإسلامي، هناك الاستشارة ثم الفتوى ثم الاستخارة ثم إصدار القرار، فالفتوى تتم بعرض القرار على العلماء، وفي المملكة على هيئة كبار العلماء الذين يتأكدون من أنها لا تخالف شيئا من الثوابت الشرعية، بعدها يتم إصدار القرار. وباستطاعة الباحث أن يعود إلى ما فعله عمر بن الخطاب عندما اتخذ القرار بالعودة من الشام بعد أن جاءه الخبر عن طاعون عمواس. التقصير في النظام وعلق الشيخ المحامي عبدالله الغوينم حول أن نظام هيئة كبار العلماء لا ينظر إلا فيما يحال إليها، فقال: التقصير ليس منها بل من نظامها، ويقال قصّروا لو أحيلت لهم قضايا ولم يتفاعلوا معها، بل بالعكس نجد أعضاءها فرادى يتفاعلون في أغلب القضايا، ولكن نظامها هو الذي حجّمها وقصر دورها على ما يحال إليها فالنقد موجه للنظام لا لعلمائها. ولم تتمكن من تغيير هذا النظام في وقت كان فيه علماء أفذاذ.