تعتبر المنشآت الصغيرة والمتوسطة البنية التحتية للاقتصاد والمحرك الأساسي لنموه، والنهوض بتلك المنشآت يعتبر مسؤولية مشتركة ينبغي أن تتضافر فيها جهود العديد من الجهات الحكومية وحتى المنشآت العملاقة الخاصة، والأرقام الاقتصادية أثبتت أن تلك المنشآت هي أحد أهم الحلول في معالجة العديد من القضايا الاقتصادية في كثير من الدول. ما نحتاجه هو الوصول إلى تعريف واضح لحجم المنشآت وآلية محددة لتصنيفها في المملكة وفق أفضل المعايير العالمية كخطوة أولية؛ بسبب اختلاف تصنيف تلك المنشآت من جهة إلى جهة أخرى، مما يصعب الوصول إلى معلومات إحصائية دقيقة عنها لتطويرها وتنميتها، ومنح تلك المنشآت بطاقات تثبت التصنيف حتى يسهل تطبيق البرامج والأنظمة المستقبلية عليها، والتي للأسف تصمم في الأساس للمنشآت الكبيرة ويتم تطبيقها على جميع المنشآت دون مراعاة تأثيرها على المنشآت الصغيرة والمتوسطة، ويشتمل كل تصنيف على أساسيات ومتطلبات يجب الحصول عليها مثال شهادات الجودة وتطبيق أنظمة محاسبية معينة، حتى تكون تلك المنشآت الوطنية كجاذب للاستثمارات الأجنبية، وأيضاً نحتاج إلى حزمة من الحوافز والتسهيلات لتلك المنشآت وخصوصاً عند أهم مرحلة وهي مرحلة التأسيس، وتشمل مراعاة الأعباء المالية خصوصا في أول 3 سنوات وذلك لتشجيع تأسيسها، وخصوصاً في قطاعات مهمة كالطاقة البديلة والنظيفة والتصنيع على سبيل المثال، وإضافة الى ذلك نحتاج إلى تسهيل إجراءات التسجيل وتقليل المتطلبات والتي تصل في بعض الأحيان الى اشتراط وجود شهادة حسن سيرة وسلوك!، وأيضا الاهتمام بتخصيص المشتريات والذي سيؤدي إلى تفعيل أكبر لتلك المنشآت وهو ما سيدفعها لزيادة الإنتاجية والاستفادة من حجم المشتريات في السوق، فالدعم الحكومي عبر المشتريات للمنشآت الصغيرة والمتوسطة مهم جدا، وكثير من الدول اتجهت لتخصيص حصة من إجمالي المشتريات الحكومية لتلك المنشآت وكانت النتائج على المدى القريب والبعيد ممتازة وأثبتت جدواها، ولا يعني ذلك تجاهل مشاركة المنشآت العملاقة بالمساهمة في تخصيص جزء من إجمالي مشترياتها لتلك المنشآت. الرؤية الاقتصادية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة يجب أن تكون واضحة وتتبناها جهة عليا مستقلة كمشروع متكامل لدعم النهوض بتلك المنشآت ويكون أعضاؤها مدعومين بكوادر شابة، وينبغي أن ترتبط تلك الرؤيا بتحقيق استراتيجية التنويع الاقتصادي والذي يعتبر محدوداً لنوعاً ما في المملكة، إضافة الى استراتيجية خفض الواردات، وبدون مجاملة يجب أن نعترف أن من الصعب استمرار ونجاح تلك المنشآت في ظل غياب جهة عليا مستقلة خاصة بهم. توطين المنشآت الصغيرة والمتوسطة لا يقل أهمية عن توطين الوظائف، وبقدر اهتمامنا في توطين الوظائف يجب علينا الاهتمام في توطين تلك المنشآت بأسرع وقت ممكن حتى تصل مساهمتها إلى ما لا يقل عن 50% من الناتج المحلي الأجمالي.