كرة هولندا سهلة ممتعة شيقة, فيها أوصاف جمالية تغري كل من يشاهدها, فهي أقرب للحديقة الغناء التي تدخل القلب وتسر النظر. هي الكرة التي انتظرها كل العالم في ثلاثة نهائيات أن تعانق الكأس، لكنها تفشل في الرمق الأخير. ميزة هذه الكرة أنها تتحدث بلغة الجمع لا الفرد , رغم كثرة الأساطير والنجوم التي طرزت القمصان البرتقالية من كرويف إلى روبن, وقد أطلق على "الطواحين" أنهم يجيدون لعب الكرة الشاملة, بل إن هذا المصطلح أطلق خصيصا على الهولنديين. لكن السؤال الذي طل برأسه منذ العام 1978 م: متى يحقق المنتخب الهولندي لقب كأس العالم؟! سؤال تعزز مع خسارة هولندا نهائي 2010 أمام أسبانيا, وسيعود اليوم - بالتأكيد - بتغيير بسيط : هل ستصل هولندا للنهائي كعادتها؟ الثلاثي خوليت وفان باستن وريكارد نجحوا في فك عقدة لقب أوروبا عام 88م, فهل ينجح الثنائي روبن وفان بيرسي في فك عقدة كأس العالم؟ في المونديال الحالي قدم الهولنديون مستويات ثابتة, نالوا على أثرها ترشيحات النقاد والمتابعين للوصول إلى المباراة الختامية، رغم المواجهة القوية التي ستجمعهم غدا بالمنتخب الأرجنتيني. وما بين هولنداوالبرازيل جسر ممتد يطلق عليه جسر الموهبة , فهذان المنتخبان - على مر الزمن - كرتهم جميلة حتى وهما يقدمان أسوأ المستويات, ربما لأنهما يجيدان العزف في أحلك الظروف على المستطيل الأخضر. والبرازيل - التي تواجه ألمانيا اليوم - تعيش أسوأ اختبار لها رغم أنها تلعب على أرضها وبين جماهيرها, لغياب أبرز نجمين, الأول: نيمار للإصابة، والثاني: تياقو للإيقاف, والحق يقال: إنهما ليس فقط الأبرز، بل إنهما روح السامبا في هذا المونديال. تصوروا أن المنتخب البرازيلي سيلعب اليوم دون روحه ودون فنه, فهل يكون أقوى من كل الظروف؟ مشكلة البرازيليين أنهم سيواجهون الألمان الذين لا تغريهم غيابات ولا إصابات في صفوف الخصم, فهم في الجانب النفسي من أفضل المنتخبات التي تعد قبل المباريات الكبيرة أو الصغيرة. بصراحة لا أتصور حلولاً ناجعة لسكولاري الذي يحمله النقاد استبعاد أسماء لها ثقلها في الكرة البرازيلية ولم يعوضها بالبديل الجيد, ووضح ذلك من خلال المواجهات التي خاضها البرازيليون في المونديال. أعتقد أن البرازيل ستواجه الألمان بسلاح واحد اسمه الجمهور , وما عدا ذلك فالحلول الفنية وهم وهم وهم.