تحاول جميع الدول زيادة مواردها الاقتصادية لتلبية احتياجات مواطنيها وتلبية رغباتهم، وتختلف الموارد الاقتصادية من دولة إلى دولة أخرى، إلا أن هناك حدا أدنى من الاستهلاك لا بد من توافره، وفي حالة نقص الحد الأدنى سيخل بجميع المنظومة الاقتصادية في أي دولة. وإذا تحدثنا عن السعودية فقد حاولت الدولة التغلب على كثير من المعوقات لتوفير الحاجات الأساسية للمواطنين ونلاحظ أن جميع الدول تدخل بتحد بين زيادة الطلب على الموارد الاقتصادية بسبب الزيادة الطبيعية في السكان وزيادة الانتاج وتنمية وتطوير الموارد الاقتصادية، إلا أن هناك آفة قد تضرب هذه المعادلة وهي آفة الإسراف في الاستهلاك. وكما حثنا ديننا الحنيف على عدم الإسراف في قولة تعالى: { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لايُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ } لكن لو نظرنا إلى معدل استهلاك المواطن السعودي للموارد الاقتصادية سنلاحظ أنه من أعلى معدلات الاستهلاك العالمي. ففي المياه يبلغ المعدل الاستهلاكي العالمي للفرد (160-180 لترا) فيما يبلغ الاستهلاك اليومي المحلي للفرد (280-380 لترا). ولا شك في أن هذه الأرقام تعتبر هدرا وخسارة في دولة تعتبر فقيرة للموارد الطبيعية للمياه, وبسبب هذا الاستخدام الجائر للمياه تضطر الدولة لاستثمار ما يقارب 200 مليار ريال خلال العقد المقبل لتحلية المياه لتوفيره للمواطنين. وإذا نظرنا إلى قطاع الكهرباء فإن الاستهلاك العالمي للفرد (بالواط) يبلغ 297 «واط» فيما يبلغ الاستهلاك المحلي (للفرد) 682 «واط». وهذا يعتبر عاليا جداً لاستهلاك الكهرباء، ويبين أن هناك هدرا لهذه الطاقة, ولتلبية الاحتياجات العالية من الطاقة الكهربائية للفرد في المملكة العربية السعودية قررت الدولة استثمار ما يقارب 300 مليار ريال خلال العقد المقبل، أي أن الدولة رصدت حوالي نصف ترليون ريال. لا شك في أن هذه الأرقام الضخمة كان يمكن توجيهها إلى نواح اقتصادية أخرى يعود مردودها على الاقتصاد الوطني. بقي أن نقول: إن الاسراف لم يقتصر على المياه والكهرباء فهو متعد إلى جميع الموارد الأخرى من غذاء ودواء وثروات طبيعية وهذا ملاحظ ومشاهد بالضغط على المرافق العامة. ولايجاد أفضل الحلول لهذه المشاكل هو تقطيف الأجيال الجديدة لتعرف قيمة هذه الخدمات وهذا ما نوط بوزارة التربية والتعليم ووسائل الإعلام والمنابر الدينية والاجتماعية وقبل هذا التربية الأسرية في المنزل.