كشف تقرير حديث صادر عن المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، أن المستهلك في المملكة يهدر 16 لتراً من الماء حين ينظف أسنانه من دون أن يغلق الصنبور، فيما يتراوح التسرب في بعض الأماكن في الشبكة العامة من 33 في المئة إلى 40 في المئة، مما يعني أن الماء الذي يصل إلى منازل المشتركين هو 60 في المئة من كمية المياه التي يتم ضخها في تلك الشبكة. وأشار التقرير (حصلت «الحياة» على نسخة منه) إلى أن استهلاك الفرد السعودي من المياه - بحسب دراسة حديثة - يزيد بنسبة 91 في المئة على معدل الاستهلاك العالمي في بلد شحيح الموارد المائية، ويعتمد على المياه المحلاة من 27 محطة تحلية موزعة على أنحاء المملكة، ومع النمو السكاني الذي تجاوز 2 في المئة سنوياً، أقرت حكومات دول الخليج بعدم إمكان تحمل المعدلات الحالية لاستهلاك المياه، مشيرة إلى طرق لضمان استدامة إمدادات المياه، ومنها إصلاح الزراعة التي تستهلك 80 في المئة من الإنتاج، إضافة إلى الكلفة الاقتصادية الباهظة للتحلية، إذ إن كلفة تحلية متر مكعب من المياه المالحة دولار واحد ما زالت عالية نسبياً لإنتاج مياه الشرب، كما أن تحلية مياه البحر مستنفدة للطاقة، إذ تستهلك الطاقة ثماني مرات أكثر من مشاريع المياه السطحية، وتستحوذ على نسبة تراوح بين 10 و25 في المئة من استهلاك الطاقة في دول الخليج. وتعد المملكة من أكثر البلدان شحاً في المياه نظراً إلى محدودية مصادر المياه الطبيعية فيها، إذ إن معدل هطول الأمطار يقدر ب70 ملليمتر سنوياً، في حين تمثل المياه الجوفية المتجددة 11.7 في المئة فقط من مخزون المياه الجوفية، بينما تمثل المياه الجوفية غير المتجددة 88.3 في المئة من مخزون المياه الجوفية في البلاد. ويؤكد التقرير أن الإهدار الأكبر للمياه يتم عن طريق الحنفية وأثناء الاستحمام، إذ يبلغ استهلاك الفرد السعودي 170 متراً مكعباً، وهو معدل عالٍ بالنسبة إلى بلد جاف وقليل الموارد المائية، مما يشير إلى أن دعم الدولة للمياه يخفض كلفة الفاتورة، ولكنه في الوقت ذاته يشجع المواطن على الهدر لأنه لا يدفع قيمة ما يستهلك من مياه. وأشار التقرير إلى أن مختصين اقترحوا أن تزاد فاتورة المياه على شريحة معينة من مستهلكي المياه، وهم من يزيد استهلاكهم على 150 متراً مكعباً يومياً، مبينين أن المستهلك الذي يملك قصراً وسيارات عدة قادر على دفع الكلفة الفعلية لفاتورته، وهو ما لا يقارن باستهلاك من يسكن في شقة صغيرة كما أنه بالإمكان توفير من 15 في المئة إلى 20 في المئة من المياه المهدرة، بإجراءات بسيطة لدى استخدام المياه في الوضوء والاستحمام وغسيل السيارات وري المزارع. ويشير الخبراء إلى أن فرض فاتورة بيئية قيمتها 200 ريال، على أصحاب المنازل الذين يستخدمون المياه بكثرة حتى تخرج وتغرق الشارع، لم تفد في خفض الاستهلاك، لأنها مرتبطة بالإسراف الظاهري فقط. منوهين إلى أن الإسراف في استخدام المياه يستنزف موارد الدولة من نفط وكهرباء ومياه جوفية، فيما أشاروا إلى أن زيادة الاستهلاك تتطلب زيادة في إنتاج المياه من محطات التحلية، وما يتطلبه ذلك من زيادة في تمديد الشبكات وموظفي التشغيل والصيانة، وفي الوقت ذاته حذروا من اللجوء للمياه الجوفية لسد النقص، التي تعتبر الثروة القومية والمخزون الاستراتيجي للدولة للاستفادة منه في الحالات الطارئة، كالزلازل والأعاصير والحروب وغيرها، وهو مطبق في جميع الدول المتقدمة من حيث وجود احتياط استراتيجي من النفط والقمح وغيره. وكما هو معلوم تعتمد مدن جدة ومكة والطائف على المياه الجوفية بنسبة 1 في المئة فقط، في حين أن الاعتماد الكلي على المياه المحلاة، أما الرياض فتعتمد على المياه الجوفية بنسبة 40 في المئة و60 في المئة على المياه المحلاة، في وقت تسعى فيه الدولة لزيادة مصادر المياه من خلال بناء السدود وتوصيل المياه بمعايير عالمية تصل إلى الاحترافية، وتوصيل المياه الآن بشكل متقطع بحيث تأتي يوم وتنقطع اليوم الذي يليه، وذلك بهدف الوصول إلى نظام الضخ المستمر. ويشير التقرير إلى أنه وعلى رغم من أن المراهنة تقع على مستوى وعي المواطن في ظل ضعف الرقابة في عملية إهدار المياه، إلا أن السلوكيات في المدن والقرى تنبئ عن فجوة بين ما يجب فعله تجاه الثروة المائية، وأن المياه في هذا البلد الصحراوي تهدر سواء في باطن الأرض أم ظاهرها، على رغم الحملات الإرشادية التقليدية، ووجود أنظمة رادعة توقع غرامات على المخالفين، إلا أن أنهاراً من المياه تجري في الشوارع والأحياء بشكل لافت. وتعتمد الجهات المختصة غرامة مقدارها 200 ريال لتسرب وإهدار المياه وعدم المحافظة على البيئة، ومبلغ 1000 ريال للتعدي بشكل غير مباشر على خطوط الشبكة، من خلال تركيب «مضخة» لسحب المياه بطريقة تضر بجدولة التوزيع للحي، ومبلغ 2000 ريال للاعتداء المباشر على الشبكة من خلال التوصيل مباشرة، وعدم مراعاة الأنظمة المعمول بها لذلك، ومبلغ 5000 ريال لعدم تركيب مصيدة زيوت للمناطق الصناعية.