أغضبني وآلمني ما نشرته صحيفة سبق قبل يومين من أن ثلاث أخوات تعرضن للابتزاز على يد راقٍ كنّ يترددن عليه للعلاج، معتقدات أنه يقوم بالرقية الشرعية، بعد أن أوهمهن أنهن يعانين مسّا من الجن، وضرب إحداهن بمطرقة على رأسها، ثم بخرها وأعطاها خاتماً زعم أن به ملكاً من ملوك الجن، ثم صورها، وأخذ صورها الخاصة من جوالها، وابتزها بصورها لتمكنه من نفسها. إلى متى سيستمر الناس يصدقون تجار الرقيا الشرعية الذي يمارسه أناس هم بعيدون كل البعد عن العلم الشرعي، وقد يكون الناس هم من أوصل تجارة الرقية إلى التوسع والانتشار بإصرارهم على الذهاب إلى هؤلاء وتيقنهم أن العلاج عندهم من سيخرج الجان أو السحر أو المس من المريض. حان الوقت الآن لتقنين موضوع السماح للرقاة الشرعيين بممارسة الرقية الشرعية، وفحص الرقاة، وإخضاعهم للمتابعة والمراقبة. لا أفهم صمت الجهات المختصة على مثل هذا الأمر!! أليست وزارة الشؤون الإسلامية هي المسئولة، وكذلك هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟ الأكيد أن تلك التجارة في تزايد وفيها من الموبقات ما الله به عليم من تكشف النساء والتحرش بهن، وقد يكون العلاج طبيا أو نفسيا. الرقية الشرعية لها أثر في الحفاظ على النفس من كل مكروه ومنها أذكار الصباح والمساء والنوم لتحصين الإنسان من كل مكروه اقتداء بالسنة النبوية. أما المتاجرة بها واستغلال الناس فمرفوضة؟؟ لا أشك مطلقاً في أن قراءة القرآن الكريم وتدبر آياته له أثره الكبير على النفس البشرية وصلاحها خاصة ونحن في شهر رمضان المبارك، فله جميل الأثر على حياة الفرد الذي هو أساس لنهضة الأمم. فالقرآن الكريم بركة ونهر مدرار ينهل منه المرء متى ما فتح الله عليه ووفقه وسخر له أسباب هداية وهو طريق ممهد لجنة عرضها كعرض السموات والأرض. والمسلم لا يستغني عن المصحف الشريف ففيه حياة قلبه ونور بصره وهداية طريقه. وكل شيء في حياة المسلم مرتبط بهذا الكتاب العظيم منه يستمد عقيدته وبه يعرف عبادته وما يرضي ربه وليس لنا عزة إلا به من خلال تخصيص وقت للتلاوة والتدبر الذي يضفي على حياتنا الكثير من الطاقة التي نحتاجها. فمن يشكو الألم والضيق والأسى والمرض وقلة الرزق والبركة. فالعلاج بسيط بتقليب بصره في آيات المولى تفسيرا وتدبرا واستنباطا ويرقي نفسه بنفسه، لكن أن تصبح الرقية وسيلة للتربح والتجارة فهو أمر مرفوض شرعا وعرفا ونظاما فيندر أن تجد حياً إلا ويوجد به شقة مستأجرة من قبل راقياً يساعده في مخالفته تلك عمالة أجنبية في جمع المال وتوزيع الزيوت والمياه المليئة بالتفلات التي قد تكون كلها عدوى وأمراض تنتقل إلى المريض المغلوب على أمره ؟؟ انتشرت في مجتمعنا الأمراض النفسية والعضوية وأمراض الحسد والعين بسبب الظروف الحياتية الصعبة، وانتشرت معها تجارة الرقية الشرعية وأضحى من ليس له علاقة بالقرآن الكريم راقياً تتزاحم الناس على باب بيته ينفث ويبيع قوارير المياه والزيت وتهافت الناس على الرقاة بسبب ودون سبب. وصيتي لهؤلاء المتاجرين بالدين والرقية أن يتقوا الله وأن يبتعدوا عن استغلال الناس أصحاب الثقافة الدينية البسيطة، ووصيتي الأخرى للجهات المختصة أن تمارس صلاحياتها في ضبط عمل الرقاة بإصدار التصاريح الخاصة بممارسة عمل الراقي مثله مثل الطبيب أو الممارس الصحي، وختاماً حفظ الله بلادنا وأمننا من كل عابث أو حاقد أو حاسد.