شهد ميدان التحرير في قلب القاهرة بعد ظهر أمس اختراق أنصار الرئيس المصري حسني مبارك للمنطقة الفاصلة التي أقامها الجيش وانتشر فيها للحيلولة دون الاشتباك مع مئات الآلاف من المحتجين ضد النظام. وفصل الجيش بين الطرفين في أول إجراء يتخذه لمواجهة العنف الذي قتل فيه ستة وأصيب 836 طبقا لوزارة الصحة. من المظاهرات والاحتجاجات بمصر امس ( أ ف ب ) ويأتي هذا الهجوم من المؤيدين بعد تراجعهم مائة متر تحت ضغط المناهضين الذين تمكنوا من 120 شخصا من مناوئيهم يحملون بطاقات تثبت انتماءهم للشرطة أو للحزب الوطني الحاكم، بحسب كمال اسماعيل المسؤول في لجنة تنظم الاحتجاجات. وفيما أكدت المعارضة الرئيسية رفضها التفاوض مع النظام قبل تنحي الرئيس، دعا الاتحاد الاوروبي الحكومة المصرية الى مقاضاة المسؤولين عن اعمال العنف. وبدورها نفت الحكومة تورطها في الأعمال التي قام بها من يصفهم المتظاهرون ب «البلطجية». وتراشق أنصار الطرفين بالحجارة أمام المتحف المصري قرب ميدان عبدالمنعم رياض المجاور، بعد ان كان انتشار الجيش بينهما في ساعات الصباح الاولى ساهم في تهدئة الوضع المتفجر هناك. وكانت هذه المنطقة شهدت أشرس المعارك طيلة ليل الاربعاء الخميس بين الطرفين. وقال مراسلون ان «المنطقة العازلة مغطاة تماما بصخور في حجم قبضة اليد» في اشارة الى المقذوفات التي كان يتراشق بها المحتجون. وان المتطوعين يحاولون تنظيف ميدان التحرير من الصخور والحطام لاخلاء المكان كي يتسنى للناس المشي فيه. ومنذ مساء الأربعاء، تحولت الانتفاضة الشعبية غير المسبوقة في مصر الى مواجهات بالحجارة ولكن المؤيدين لرئيس الجمهورية استخدموا المطاوي والقضبان الحديدية في الهجوم على المتظاهرين الذين يعتصمون بميدان التحرير وينامون فيه. وسمع دوي اطلاق نار في الساعة الرابعة فجر الخميس واستمر لاكثر من ساعة في المكان. وفي مدينة الأقصر نظم آلاف الاشخاص مظاهرات انطلاقا من ساحة المعبد الفرعوني تأييدا للرئيس حسني مبارك. ووجه المؤيدون للنظام الدعوة إلى صلاة جمعة في ساحة معبد الأقصر ومسجد سيدي أبي الحجاج الأقصري اليوم الجمعة تحت عنوان جمعة الاستقرار ردا على دعوة المعارضين للحكم لتنظيم «جمعة الرحيل» بهدف رحيل النظام. وواصلت مجموعات كبيرة من أفراد القوات المسلحة تأمين المناطق السياحية والمعابد والمتاحف الأثرية بالأقصر وانتشرت وحدات من الجيش المصري أمام متحف التحنيط. كدت المعارضة رفضها التفاوض مع النظام قبل تنحي الرئيس وفيما دعا الاتحاد الأوروبي الحكومة المصرية إلى مقاضاة المسؤولين عن أعمال العنف، نفت الحكومة تورطها في شغب البلطجية المسلحين بالقضبان الحديدية والهراوات الذين واصلوا استهداف المحتجين في ميدان التحرير سياسيا، أكد احمد ابو الغار القيادي في الجمعية الوطنية للتغيير، التي تشكلت حول المعارض محمد البرادعي وتضم عدة حركات سياسية من بينها الاخوان المسلمين، انه «لا تفاوض مع النظام قبل تنحيه». وكان التليفزيون المصري أعلن أن عمر سليمان نائب الرئيس المصري بدأ أمس حوارا مع احزاب المعارضة ومختلف القوى السياسية لإجراء الإصلاحات السياسية والدستورية. ونقل التليفزيون عن رئيس الحكومة احمد شفيق الذي بدأ عمله صباح أمس في مقر رئاسة الوزراء قوله ان الحوار يشمل ممثلين عن المتظاهرين في ميدان التحرير. ودعا الاتحاد الاوروبي مصر الخميس الى مقاضاة المسؤولين عن اعمال العنف التي وقعت في القاهرة معربا عن «قلق كبير» بشأنها. وفيما يتهم المعارضون نظام حزب المؤتمر الوطني الحاكم بأنه وراء أعمال «البلطجة» الدامية ضدهم، نفت الحكومة تورطها في ذلك. وجاء في بيان لوزيرة خارجية الاتحاد كاثرين اشتون ان «الحكومة مسؤولة عن سلامة شعبها.. ويجب محاسبة المسؤولين عن فقدان الارواح والتسبب بإصابات على اعمالهم ومقاضاتهم». وأكدت ان ترهيب الصحافيين والاعتداء عليهم «غير مقبول». كما دعا قادة كل من بريطانيا وفرنسا والمانيا وايطاليا واسبانيا في بيان مشترك الخميس الى البدء الفوري في العملية الانتقالية السياسية، منددين «بجميع من يستخدمون العنف أو يشجعون عليه». وكتب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الالمانية انغيلا ميركل ورؤساء الوزراء في ايطاليا سيلفيو برلوسكوني وبريطانيا ديفيد كاميرون واسبانيا خوسيه لويس ثاباتيرو في بيان مشترك «اننا نراقب تدهور الاوضاع في مصر بقلق بالغ». وجاء في البيان «إننا ندين جميع الذين يستخدمون او يشجعون على العنف الذي لن يؤدي سوى الى تفاقم الازمة السياسية التي تشهدها مصر. الانتقال السريع والمنظم الى حكومة ذات قاعدة عريضة هو وحده الذي سيجعل من الممكن التغلب على التحديات التي تواجهها مصر حاليا». وأكد البيان ان «عملية الانتقال يجب ان تبدأ الان». ونفت الحكومة المصرية أي دور لها في حشد المؤيدين للرئيس حسني مبارك ضد المحتجين المناهضين للنظام في ميدان التحرير بوسط القاهرة وقالت انها ستحقق لمعرفة من يقف وراء ذلك. وقال مجدي راضي المتحدث باسم الحكومة المصرية لرويترز «اتهام الحكومة بحشد هذا هو اختلاق محض. هذا سيهزم هدفنا في اعادة الهدوء».. وأضاف ان الحكومة فوجئت باعمال العنف. وتابع المتحدث «الحكومة ستتخذ الاجراءات التي في وسعها للتعرف على من يقف وراء هذا ومحاولة التعامل مع الامر».