تقطع قلبي ألما وفاضت نفسي حزنا عندما زارت سارة أباها في سجنه وقد قبض عليه لتوه في قضية لا يشرفه أن تنسب إليه أو أن ينسب إليها و لا يسره أن يخبر بها زملاءه فضلا عن أن يعلمها أهله وأبناءه، عندما زارت سارة أباها في سجنه وقد حالت بينهم قضبان حديدية، يكلمها ولا يلمسها يراها ويتمنى أنها لا تراه لأنه في مكان هو اختاره من حيث لم يشعر ولم يفكر في هذا الموقف المخزي الذي هو واقفه، انساق إليه وهو في شركته غافل همه شهوته ايا كانت شهوته، وتحقيق رغبته التي أعمت عينه وبصيرته ان يرى الا ما كان يلهث خلفه ليدركه. لم يفكر بعظيم جرح جرحه فيبيته كل بيته صغيرهم وكبيرهم النساء والرجال، حتى اقرب الناس إليه آثر أن ينكر معرفته به فضلا عن قرابته له خشية ان يلحقه عاره الذي جره إلى كل قريب له ولا ذنب لهم. سألته ابنته بعدما رأته يقاد كما يقاد من لا أحب أن أذكره لا يملك لنفسه من أمر نفسه شيء وقد بدل بيته بسجنه وحريته بقيده وعزه بذله كان في بيته ملكا يأكل ويشرب وينام ويدخل ويخرج متى شاء وأصبح في سجنه يأكل ويشرب وينام ولكن بأوقات لا يحددها هو بل يحددها غيره سألته ابنته بكل شفقة وعفوية بكل حرقة وألم: لماذا سجنوك يا أبي؟ فكان سؤالها سياطا نزلت على قلبه تمنى لو انشقت الأرض فابتلعته ولم تسأله ابنته هذا السؤال وتمنى انه ما عرف ذلك الطريق المظلم الذي دليله فيه ابليس وقرين السوء رفيقه سلكه فساقه إلى هذا النفق الضيق المظلم الذي تفوح منه رائحة العفن والرهبة والخزي والمهانة ولقاءات الظلام. إن حقا على كل سالك لطريق تزل به الاقدام فهو ساقط فيه لا محالة ان يفكر بزوجته واولاده ونفسه التي أشقاها وهو الذي ما نام في ساعة من ليل أو نهار فذاق بها حلاوة المنام خشية أن يقبض عليه فقال وقد هرب من أن يصارح ابنته بسوء فعلته فهو لا يستطيع أن يصارحها فقال: علي دين فكان رد ابنته المسكينة عفويا لفكاك ابيها من سجنه فقالت: نبيع بيتنا ونعطيهم ليخرجوك من السجن يا بابا. إن حقا على كل سالك لطريق تزل به الاقدام فهو ساقط فيه لا محالة ان يفكر بزوجته واولاده ونفسه التي أشقاها وهو الذي ما نام في ساعة من ليل أو نهار فذاق بها حلاوة المنام خشية أن يقبض عليه. أن يفكر ألف مرة قبل سلوك مسالك الزلق وأن يكون له ما يرى ويسمع من هدم للبيوت هدمت بأيدي أصحابها درسا يرده عن طريق الضلالة فلا يسلك بعده إلا طريقا اتضحت له معالمه يسلكه ولا يخفيه عن قريب ولا يخشى أن يعلمه بعيد.