مداعبة بالسيف كلمة واحدة مبناها قصير ومعناها كبير .. نطقها يسير .. وتحقيقها عسير .. إنها دلالة صدق الطاعة وعنوان قوة القناعة .. من رام التأثير فبغيرها سيفشل وبدونها ستجف وروده وتذبل .. حث عليها الشرع وأيدتها الفطرة إنها صفة الثبات .. وأنعم بها من زينة لكل ذي منهج صحيح . يجد الألم طريقه ونحل السوء رحيقه حين أمعن النظر في ثبات أهل الباطل وتردد أهل الحق والنور .. دونكم صورة من ثبات عدو الإسلام أبي جهل في موقف قاس المراس : لما انجلى الغبار عن موقعة بدر الكبرى ونصر الله دينه وأعلى كلمته .. كان من صرعى المشركين أبو جهل وكان ضخم المبنى ضئيل الفكر والمعنى كان جثة كالثور يترنح في دمائه التي داعبتها سيفي معاذ ومعوذ جاء ابن مسعود صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان نحيل المبنى قامة في الحق لا يكاد يبلغ شأوه أحد رأى أبا جهل فاتجه إليه ومد سيفه مسلما ولم يزل في عدو الله رمق .. صعد إليه ليتقرب إلى ربه بحز رأسٍ عارض الرسالة واستهزأ برسولها .. صعد إليه وأبو جهل يستجمع قواه ليعلم من الصاعد فخانته عيناه فأسعفه لسانه وقال بصوت متقطع من ؟ قال أنا ابن مسعود .. قال الكافر في كبر وعتو : لقد ارتقيت مرتقى صعبا يا رويعي الغنم !! ثم قال ياابن أم عبد .. لمن الدائرة اليوم ؟ قال ابن مسعود رضي الله عنه : الدائرة اليوم لله ولرسوله وللمؤمنين . قال أبو جهل : يا ابن أم عبد .. من هم أصحاب العمائم البيضاء الذين يذودون عن محمد ؟؟ قال ابن مسعود : إنهم ملائكة السماء أنزلهم الله لنصرة نبيه صلى الله عليه وسلم .. فما ذا قال هذا الكافر بعد هذه المعجزة البينة .. هل آب ورجع .. كلا بل قال بثبات على باطله وعتو وكبر .. يا ابن أم عبد .. فلتشهد العرب أنا قاتلنا أهل الأرض والسماء !!!! ثم داعبه ابن مسعود بسيفه وعجل برأسه هدية لرسول الله صلى الله عليه وسلم فكبر المصطفى إذ رآه ... والحمد لله الذي أذهب الأذى وأزال الخبائث . عزيزي القارئ ألا تعجب من ثباته مع كفره واعتزازه مع هزيمته وذله .. أليس الثبات لأهل الحق ألزم وأوجب .. كيف لا ودينهم علمهم الثبات .. ومن ذاق حلاوة الحق لفظ حنظل الباطل كيف يا قوم نهجر الروض زهرا ............. ونحط الرحال أرضا يبابا أيها القارئ الكريم .. الثابتون في الدنيا هم الثابتون على الصراط في الآخرة (( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة )) إن امرأة متحجبة هجرت حجابها واستبدلته بحجاب يحتاج إلى حجاب بحجة تقليد صويحباتها أو أن هذه هي بضاعة السوق ... امرأة ليست بثابتة !!! إن رجلا عبث بمظهره فأطال وقصر وقدم وأخر خلافا لمراد الشارع الحكيم من أجل موافقة جلسائه ليس مرشحا للثبات . إن كلمة الحق بحاجة لثابت يقولها .. وكلمة الباطل بحاجة لثابت يدفعها . إن دولة الإسلام بحاجة لثبتة بررة يذودون عن حماها ويحمون بيضتها .. ودولة الكفر والظلم والباطل بحاجة لثبتة أبطال يردعونها لتكون كلمة الله هي العليا .. إن قيام ليل الشتاء وصيام الهواجر بحاجة لثابت عابد صالح .. إن عبدة الغرب وملمعي ثقافته هم أبعد الناس عن الثبات على الحق والنور .. إن الثبات عنوان كل نجاح وسر كل سمو .. وأحب العمل لله تعالى أدومه ولو كان قليلا .. ولقد كان من أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : (( يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك )) ولم يكن عليه الصلاة والسلام ليكثر منه وقد أوتي جوامع الكلم إلا لعلمه صلى الله عليه وسلم بحاجة كل سالك إلى الثبات .. عزيزي القارئ .. طريق الجنة محفوف بكل مكروه .. وطريق شاق كهذا لا يقطعه من الجمال إلا أصلبها ظهرا وأرواها ماء .. كيف والسالك إنسان .. هنا كان الثبات من أوجب الزاد كيف والهدف الجنة .. ومن خطب الحسناء لم يغله المهر .. أما طريق النار فمحفوف بكل محبوبات النفس وملاذها وطريق كهذا يقطعه الجمل الضعيف لأنه خلي من المشقة .. أما إذا علم الجمل أن نهاية طريقه المعبد ستكون للمسلخ فسينكص على عقبيه ويعود من حيث أنشأ طريقه بفطرته الحيوانية .. كيف والسالك إنسان ذو عقل وبصيرة .. والنهاية نار تلظى فاغرة فاها تصرخ وتنادي هل من مزيد هل من مزيد .. وإن تعجب فعجب أمر تزاحم الناس في هذا الطريق وتسابقهم لولوجه فهل فاق الحيوان جهلة ابن آدم .. شتان ما بين الموقفين .. أهل الجنة في نعيم ومزيد .. والنار تنادي وتصيح هل من مزيد !! ولكل دار أهلها وقد حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات .. ومن سار على الدرب وصل . ألا ما أبهجنا حين نلتقي في الجنة ! يا عباد الله فاثبتوا . بلال بن إبراهيم الفارس إمام وخطيب جامع الحمراء الشرقية [email protected]