في رأيي الشخصي أن مجلس التعاون الخليجي لم يكن قبل دورته الثانية والثلاثين المعقودة في الرياض على قدر المستوى الذي يؤمله منه الشارع الخليجي، أو لربما لم يكن شيئاً مذكوراً.. وإنما كان مجلساً للقرارات، والتوصيات موقوفة التنفيذ؛ غير أن جلسته الثانية والثلاثين تحت رئاسة خادم الحرمين الشريفين جعلت منه أملاً جديداً للمواطن الخليجي بأن يجد من خلاله بعد اليوم حقوقه المنقوصة، وإنسانيته، وتمتعه بمواطنة سويّة تتساوى مع جميع أطياف أوطانه. لقد لبّت قمة الخليج الثانية والثلاثون - وعبر نداء الملك عبدالله بالإتحاد - طموحات ملايين الخليجيين، واستجابت لتمنياتهم القديمة الجديدة: بالوحدة، والإتحاد في جميع الشؤون، والمستويات؛ ولم يبق على الفرحة لتتم سوى التعجيل، والإسراع الحثيث في تطبيق الفكرة قبل أن يصيبها صداع تداول توحيد العملة الخليجية!!. يتمنى الخليجيون ألا يأتي الإتحاد الخليجي إن هو أتى: منقوصا، أو أن يكون اتحاداً مفعّلاً من جهة، ومريضاً من جهات؛ وإنما يكون الإتحاد اتحاداً يتربّع المواطن الخليجي أولاً في أجندته، ومُقدّماً في توصياته، وسابقاً في قراراته، وأن تكون شؤونه حاضرة في كل جلساته السريّة منها، والعلنية؛ إنه يستحق ذلك، وأكثر لأنه باختصار هو نفسه الوطن الذي نغنّي له صباح مساء. لقد تنبّه القادة الخليجيون لضرورة الوحدة، وحتميّة الإتحاد فيما بين دولنا.. أتى ذلك في ظلّ أزمات تفكّك الدول في الآونة الأخيرة؛ لذا فقد جاءت دعوة خادم الحرمين الشريفين بانتقال مجلس التعاون من مرحلة التعاون إلى مرحلة الإتحاد الخليجي - الدعوة التي تسكن عقل، وقلب كل مواطن خليجي منذ أمدٍ بعيد - دعوة خير إن شاء الله، وبوابة تفاؤلٍ تتفاءل أوطاننا الخليجية فيها؛ ذلك لما في الإتحاد من قوة، واستقرار بإذن الله .. قال تعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذْ كنتم أعداءً فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا ..} الآية. يتمنى الخليجيون ألا يأتي الإتحاد الخليجي إن هو أتى: منقوصاً، أو أن يكون اتحاداً مفعّلاً من جهة، ومريضاً من جهات؛ وإنما يكون الإتحاد اتحاداً يتربّع المواطن الخليجي أولاً في أجندته، ومُقدّماً في توصياته، وسابقاً في قراراته، وأن تكون شؤونه حاضرة في كل جلساته السريّة منها، والعلنية، إنه يستحق ذلك، وأكثر لأنه باختصار هو نفسه الوطن الذي نغنّي له صباح مساء. وهو اللبنة التي تتسق لتعلو بأوطانها شامخة نحو المجد، والنمو، والحضارة.. وهو الذخيرة الحيّة لأوطانه إن عدت عليها العوادي يوماً لا قدّر الله .. لقد سبقتنا الحضارات الغربية - للأسف - في التوحّد، والإتحاد؛ مع أن الاتحاد قيمة إسلامية حث عليها الدين الحنيف، ونحن المسلمين أولى بها من غيرنا؛ ولكن لا ضيرَ في ذلك.. فلئن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً. لقد اتحدت أوروبا فيما بينها، وشكّلت قوة سياسية، واقتصادية ذات مكانة، ورأي. ويقيناً لسنا بأقل منها شأناً، أو مكانة.. وها قد وُلدت – بحمد الله - فكرة الإتحاد الخليجي رسميّاً على أمل أن تخلفها أختها العربية، والإسلامية إن شاء الله . فهل سيرى العالم هذه الوليدة تكبر مضموناً لتفوّق الاتحادات الغربية، والشرقية في مضامينها.. وتسد نواقص ما عجزت عنه تلك الاتحادات عن سدّه؛ لتصبح أنموذجاً يعكس حضارتنا الخليجية، وقبل ذلك العربية، والإسلامية. أخيراً.. كلمة حقّ نعترف بها في حق رجل تجلّت ملامح مطالب الشعوب، وأمنياتهم في قرارته، ودعواته، أو أوامره.. عبدَالله بن عبدالعزيز .. لقد جسّدت، وتجسّدت صورة الحاكم الذي يتخذ من نبض الشارع قراراً. ويُصدر من توجّساتهم أمراً.. ويتبنى من تطلعاتهم دعوة.. ويستأنس من (سوالف) مجالسهم مشورة.. إنك بكل هذا من الشعب تنطلق، وإلى الشعب تعود فانعم بمحبته، وتقديره، واحترامه والحالة تلك.. دمت بعمرٍ مديد، ورأي سديد.