جدة تغرق في دموعها قبل سيولها، تصارع أحزانها، جراحها تنزف، آلامها تعصر أعماقها، تنثر توجعها وآهاتها، نداءاتها صرخة ألم موجوع، تنشد الحياة الآمنة، جدة الحبيبة تصرخ والمرارة بداخلها : أغيثونا أنقذونا صور مؤلمة للموت الذي يحيط بها، صور مأساوية للخراب والدمار على وجهها الجميل، والله أعلم بالخراب داخل أحشائها، جدة الغالية توقفت حياتها بعد أن غدر بها وبطيب أيامها تقصير فئة مريضة من أبنائها جعلوها أشلاء مبعثرة فلم تظل بناظرها سوى ذكرى مؤلمة لعام مضى ويومه العصيب عذبتها عودته وأنهكتها رجعته ووأدت سعادتها رؤيته، ليته لم يعد، كان من المفترض أن لا يعود لكنه عاد ليذكرها بخيبة أملها فيهم فيمن أئتمنتهم وصدقتهم في (أمانتها). جدة بالفعل غير تغرق في شبر ماء، دول العالم تشهد أمطارا طوال العام وبضعف كثافة أمطار جدة، وجدة تعيش الرعب والألم مع نزول أمطار أقل كثافة ولساعات قلائل، جدة الحزينة تقتلها الصدمة وتسري بين عروقها مرارة الانهزام، كم تتألم!! ومم تتألم ؟ أتتألم لذكرى عصيبة ماضية ؟ أم تتألم لواقع أكثر صعوبة لم تتوقعه !! وأكثر صدمتها فيمن وضعت الدولة الأمانة ولم تقصر في أعناقهم من أبنائها . فضحت الأمطار الضمائر وسوء التخطيط وعشوائية الأماكن التي يسكنها أهالي جدة الطيبون فبكت جدة كارثتها، بكت أحياءها، بكت وبحرقة الأنفس التي غيبها الطوفان وجبروته بكت ممتلكاتها، جدة تبكي بحجم الدمار الذي تعرضت له مدينتها في ساعات فقط، جدة تغرق وتتحطم مع نفوس أصحابها، بقايا نفوس منهارة تتحرك، جدة أطلال لمدينة كانت عروس البحر الأحمر، في ساعات تحولت لمدينة أشباح يتنقل سكانها بالقوارب المطاطية، بحر في الشوارع الهادئة أقصد التي كانت هادئة، مئات احتجزوا في مواقعهم والخطر يهدد حياتهم، مدارس وجامعات وامتحانات كلها تبكي حظها ومدينتها العروس، قدرها أن فيها مقصرين وغير آمينين، كثافة إهمالهم بحجم كثافة الأمطار التي وصلت قياساتها إلى مؤشرات كبيرة بلغت 111ملم وفي بعض المؤشرات تخطت ذلك إلى 120ملم .. حبيبتي جدة لا تبكي فلديك ملك رحيم عادل وقادة كرام لا يضيع عندهم حق ولا يتهاونون مع كل متسبب، وانتظري الغيث الذي سيهطل هنيئا مريئا ويعم البلاد والعباد فما عانيته في العام الماضي وما تعانينه اليوم بمشيئة الله سيصبح أثراً بعد عين بفضل الله ثم بفضل مليكنا الإنسان وقادتنا الكرام . [email protected]