في حضور رجالي لافت ، وغياب نسائي لافت أيضا ، شهد اليوم الثاني والأخير لملتقى «المرأة السعودية ما لها وما عليها « ، الذي نظمه مركز باحثات لدراسات المرأة وانتهى الاحد برعاية الأميرة صيته بنت عبد الله آل سعود ، نقاشا حادا وسجالا بين الحضور حول حقوق المرأة وكيفية إنصافها، وهل هي ظالمة أم مظلومة في المجتمع. فقال «عضو مجلس هيئة حقوق الإنسان، وأستاذ الفقه المقارن في المعهد العالي للقضاء د. عبد العزيز بن فوزان بن صالح الفوزان في ورقة العمل التي قدمها:»لا خلاف بين المسلمين والمنصفين العارفين بحقائق الإسلام إن الشريعة الإسلامية حفظت حقوق الإنسان رجلا كان أو امرأة على أكمل وجه وأعدله وأحسنه، كما أنه لا خلاف بينهم في أن المرأة لم تحفظ كرامتها وتصان حقوقها كما حفظت في الشرائع السماوية، وخاصة في ظل الشريعة الإسلامية الخاتمة التي هي أكمل الشرائع وأفضلها، وأعدلها وأحسنها، وأرعاها لحقوق الله تعالى وحقوق عباده، ومع ذلك لا يستطيع أحد يعرف واقع المرأة في السعودية أن ينكر وجود انتهاكات متنوعة لحقوق المرأة فيها، وهي انتهاكات مخالفة للشريعة الإسلامية، ولمواثيق حقوق الإنسان الدولية العادلة. فلا يستطيع أحد أن يزعم بأن حقوق المرأة مصونة محترمة عند كل أحد، وفي كل الأحوال، وعلى جميع الأصعدة» انتهاك الحقوق : وأضاف الفوزان :»من خلال اهتمامي بحقوق الإنسان، واطلاعي على الأنظمة السعودية وقراءتي لكثير مما كتب عن حقوق المرأة في هذه الأنظمة من داخل المملكة وخارجها، ومن كتاب مسلمين وغير مسلمين، فإني أجزم بكل ثقة: بأن هذه الأنظمة المستمدة في الأصل من الكتاب والسنة أحرص ما تكون على حفظ حقوق المرأة وصيانة كرامتها، والدفاع عن مصالحها، ولا يكاد يوجد فيها شيء يقصد به ظلم المرأة أو انتهاك حقوقها، وما قد يوجد في هذه الأنظمة مما يعتقد أنه مخالف لحقوق الإنسان المعتبرة فهو لا يخلو إما أن يكون من القضايا الاجتهادية التي تختلف فيها وجهات النظر، وإما أن يكون من القضايا التي تتغير بتغير الأحوال والعوائد، فتكون صالحة عادلة في زمان، ولا تكون كذلك عند تغير الأحوال والأزمان، فهي في الحالتين قضايا قابلة للنقاش وإعادة النظر فيها لتعديلها واستبدالها بما هو أوفق للشريعة ومقاصدها، وأحفظ لحقوق المرأة وأصون لمصالحها، وبناءً عليه فإن ما قد يحصل من انتهاكات وعدوان على مصالح المرأة في السعودية، أو مطل بحقوقها فإنما مرده في الغالب لثلاثة أمور: الأول: انتهاكات يمارسها بعض الناس وهي مخالفة للشريعة الإسلامية وللأنظمة السعودية المرعية، المبنية على الرحمة والحكمة، والعدل والمصلحة، وحفظ مصالح الإنسان وحقوقه الشرعية، فهي انتهاكات محرمة شرعاً ونظاماً، وصاحبها عرضة للمسائلة والمعاقبة، ومن انتُهك حقُها من هؤلاء النساء فبإمكانها المطالبة به من خلال جهات الاختصاص المسئولة عن تطبيق هذه الأنظمة. «المملكة انضمت إلى اتفاقية « القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة « مع التحفظ العام على جميع ما يتعارض مع الشريعة الإسلامية من مواد وردت في الاتفاقية ، ولاشك أن مطالبة المنظمات الدولية المملكة برفع التحفظات على مواد الاتفاقية ، يمثل تعديا على حق المملكة في وضع تحفظاتها ، وتحقيقا للسيادة الوطنية « الثاني: انتهاكات سببها والمشجع عليها بعض الإشكالات في الآليات والإجراءات التنفيذية لهذه الأنظمة السعودية؛ من قبيل فرض بعض الشروط والمتطلبات المكلفة، أو عدم تهيئة الأماكن والمرافق المناسبة للمرأة لحمايتها وإيوائها، ودفع العدوان الواقع أو المتوقع عليها، أو تمكينها من المطالبة بحقها ومقاضاة من تعدى على مصالحها، أو عدم الحسم في القضايا التي تتطلب معالجة عاجلة، واستدراكاً لما يُخشى فواته، أو قطعاً لما يخاف من تفاقمه واستفحاله، أو الروتين القاتل والتطويل الممل الذي يجعل كثيراً ممن انتهكت حقوقهن يتهيبن من المطالبة بها أو يتنازلن عنها أو عن بعضها لأجل توفير الوقت والجهد. فالخلل ليس في الأنظمة والتشريعات، وإنما هو خلل في الآليات والإجراءات. الثالث: التقصير في نشر ثقافة حقوق الإنسان، وعدم تثقيف المجتمع والمرأة معاً وتوعيتهم بحقوقها المشروعة، وكيفية المطالبة بها؛ فجهل المرأة بحقوقها، وعدم معرفتها بكيفية المطالبة بها، وثقافة العيب التي تكرسها بعض المجتمعات لكي تمنع المرأة من المطالبة بحقوقها، وتقنعها بالسكوت على ظلمها وابتزازها، كلها تسهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في انتهاك مصالح بعض النساء، وضياع حقوقهن، وبخسهن أشيائهن» الأنظمة القضائية: وأوضح القاضي في المجلس الأعلى للقضاء د. عبدالمجيد بن عبدالعزيز الدهيشي في ورقته المعنونة ب « حقوق المرأة في النظام القضائي السعودي « عناية الأنظمة القضائية في المملكة بالمرأة وحقوقها وتيسير إجراءاتها لدى المحاكم ، وأضاف الدهيشي :» ومع الجهد المقدر الذي تبذله الجهات العدلية نحو المرأة وحفظ حقوقها إلا أن هناك ملحوظات ينبغي تلافيها ومقترحات يمكن الأخذ بها من باب السياسة الشرعية أسجّلها في التوصيات الآتية مؤملاً الاستفادة منها: النظر في إلزام الزوج بالحضور بالقوة الجبرية في القضايا الأسرية عند عدم تجاوبه ، لما في ذلك من الظلم وإطالة أمد الخصومة ، النظر في إمكانية إلزام المطلق عند إثبات الطلاق بالتفاهم مع مطلقته حول حضانة الأولاد وزيارتهم ونفقتهم ووسيلة تسليم النفقة ، .النظر في إلزام المطلق بتسليم النفقة للصغار من أولاده عن طريق الاقتطاع من الراتب ، تلافياً لما قد يقع من مماطلة الأب أحياناً في تسليم نفقة أولاده واضطرار أمهم للمطالبة من جديد مع ما في ذلك من تأخير وإشغال للمحاكم ، وفي حال عدم وجود مرتب شهري يُنظر في إلزام الأب بالنفقة إما عن طريق وجود كفيل غرمي بالنفقة أو غير ذلك ،النظر في إمكانية ربط توثيق الطلاق بمحل سكن المطلقة لفائدة ذلك في علم الزوجة ، وقد يكون بينهما حقوق مالية ونحو ذلك ، ولإمكانية النظر في موضوع الأولاد والنفقة والزيارة ، إضافةً إلى سهولة تدخل مكتب الصلح الأسري في حالتهما ، إذ لو كان مقر إقامة الزوجة بعيداً فكيف يتسنى للمكتب محاولة الإصلاح ؟! ،النظر في إمكانية اشتراط حضور المطلقة أو وليها عند توثيق الطلاق، تزويد أماكن الانتظار في المحاكم التي تنظر في القضايا الأسرية بالمطويات والكتيبات الإرشادية في مجال الأسرة « ، وزاد : «تعليق بعض اللافتات المعبرة، التأكيد على الحقوق التي كفلتها الشريعة الإسلامية للمرأة ، ومن أهمها في هذا الموضوع: أن للمرأة ذمتها المالية المستقلة، إن حق الزوجة في النفقة واجب على الزوج حتى لو كانت غنية، إن الأصل في حال وفاة الأب أن تجعل المحكمة للأم حق الولاية المالية على صغارها ، والأولى أن لا تتنازل الأم عن هذا الحق ، وفي حال عدم استطاعتها على القيام بأعباء الولاية يمكنها الاكتفاء بتوكيل غيرها لإنهاء مصالحهم بموجب وكالة شرعية مع إبقاء الولاية لديها ؛ لأن إجراءات إثبات الوكالة وفسخها يسيرة ، ومتى تبين للأم أن الوكيل مقصر في القيام بما وُكّل فيه تيسر لها فسخ الوكالة ، وأما فسخ الولاية فيما لو كان الولي غير الأم فإن له إجراءات طويلة ، ولا بد فيه من البيّنة الموصلة، بذل الأسباب من قبل المرأة لحفظ حقوقها وعدم التفريط فيها ، ومن وسائل ذلك: العناية بالتوثيق في العقود والديون ونحوها ، وقد وردت الأدلة الشرعية على أهمية حفظ الحقوق بتوثيقها والإشهاد عليها، تسجيل العقارات التي تملكها المرأة باسمها وعدم التساهل بتسمية العقارات بأسماء غيرهن مهما كانت الثقة موجودة ، الحذر من استخراج قروض باسم المرأة لصالح أطراف أخرى إلا بضمانات كافية.» وثيقة تشريعية: من جهة أخرى ألقت عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام أ. قمراء السبيعي تعليقها على أوراق العمل مبينة أن الفراغ التشريعي الرسمي في مجال حقوق المرأة وواجباتها في المملكة كان مدخلا للمنظمات والهيئات الدولية للتدخل تحت مظلة الإصلاح وحقوق الإنسان ، لذا فإن العمل على سد هذا الفراغ يعد أمرا ملحا ، ونحن أمام هذا الفراغ التشريعي نتوجه للقيادة العليا بالدعوة إلى صياغة وثيقة وطنية تحدد حقوق المرأة وواجباتها وفقا للشريعة الإسلامية « كما أضافت : « المملكة انضمت إلى اتفاقية « القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة « مع التحفظ العام على جميع ما يتعارض مع الشريعة الإسلامية من مواد وردت في الاتفاقية ، ولاشك أن مطالبة المنظمات الدولية المملكة برفع التحفظات على مواد الاتفاقية ، يمثل تعديا على حق المملكة في وضع تحفظاتها ، وتحقيقا للسيادة الوطنية ، وحماية للتشريعات الإسلامية في مجال حقوق المرأة وواجباتها فإننا نؤكد الأهمية البالغة في صياغة مذكرة تفسيرية مفصلة حول التحفظات العامة التي وضعتها المملكة على اتفاقية « القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة».كما أكدت عضو هيئة التدريس في جامعة الأميرة نورة د . أفراح الحميضي على أهمية إصدار وثيقة خاصة بحقوق المرأة وأضافت لا معنى للدراسات وأوراق العمل ما لم تترجم نتائجها إلى واقع في حياة المرأة وخاصة أن المتابع لأغلب الحركات الاجتماعية والثقافية يلحظ أن عدد من القضايا المثارة تهم فقط النخبة وهناك تضخيم وتعميم لقضايا فردية كما إن هناك استيراد قضايا من خارج السعودية وإبرازها والاهتمام بها«.
وزير سابق يهاجم المناديات بالتحرر أكد وزير الشئون الاجتماعية السابق الدكتور علي النملة ان وضع المرأة في العالم المتقدِّم في شرقه وغربه قد تحوَّل إلى إنسان ثانوي، ما عدا فئة من النساء عرفت موقعها من المجتمع ومارست دورها الذي أيقنت أنها إنما خُلقت له. واسترسل النملة خلال «ملتقى المرأة السعودية ما لها وما عليها» الذي اختتم جلساته أمس بالرياض : لم تسلم المرأة في المجتمع المسلم من هذه البلوى فطفقت بعض نسائنا تنادي بحقوق المرأة من منطلقات غير شرعية ومن مفهومات تحرُّرية تمارس في الغرب والشرق، جاعلةً من النموذج الغربي وجهًا للمقارنة ، وأضاف : «المرأة السعودية جزء من هذا العالم، تتأثَّر وتؤثِّر. ويجانب الصواب من يقول إنها تتأثَّر فقط، بل هي الآن - مع عدد من شقيقاتها المسلمات - تقود حملة صامتة في المجتمع النسوي الدولي، تعيد فيه المرأة إلى سابق عهدها في إيمانها بوظيفتها السامية التي خلقها الله تعالى لها، بما يتماشى مع أحكام الشرع التي لا تقتصر في تطبيقها على المرأة في المجتمع الذي يحكم بالإسلام، بل إنه يسري في مجتمعات وتجمُّعات مسلمة في جهاتٍ شتَّى».