حالة جديدة من الإهمال المتكرر الذي تعيش فيه مستشفياتنا الحكومية في حق المرضى الذين لم يلقوا أي اهتمام بظروفهم الصحية وما آلت إليه من تدهور واضح بعد دخولهم للعلاج إليها، ولا يكاد أن ينتهي شهر على الأكثر إلا وتسمع شكوى أو تذمرا من أحد المواطنين عن الحال الذي يعيش فيه المواطن تحت مظلة الخدمات الصحية لدينا في تلك المستشفيات. وفي البرج الطبي بالدمام يرقد المواطن جمعان معطش البيشي 52 عاما منذ سنة كاملة .. يتحدث لنا أحد أقاربه عن مأساته قائلاً :» تعرض عمي لحادث مروري بتاريخ 11/1/1432ه في منطقة الهفوف، وأدخل على إثره لمستشفى الملك فهد بالهفوف حيث تم نقله إلى وحدة العناية المركزة، وتم علاجه هناك بشكل سريع حتى أن تم نقله بعد مطالبتنا من ذلك المستشفى إلى مجمع البرج الطبي بالدمام بتاريخ 29/1/1432ه، وعندها كان عمي المريض واعيا ومدركا لما يدور حوله، وبدأت حالته في التدهور .. فقرر الأطباء في حينه إجراء عملية لفغر الرغامي مقاس غلاسكو للغيبوبة، وأبقي على جهاز التنفس الاصطناعي حتى تحسنت حالته وتم نقله إلى قسم التنويم بتاريخ 9/3/1432ه، وتدهورت حالة المريض مرة أخرى بسبب هبوط ضغط الدم وتسارع في نبضات القلب أدى إلى معاودة نقله إلى وحدة العناية المركزة، علما أنه في تلك الأثناء تم إرسال برقية إلى الديوان الملكي بطلب تأمين طائرة الإخلاء الطبي لنقله إلى مستشفى القوات المسلحة أو المستشفى التخصصي بالرياض، وجاءت الموافقة في الرد بتاريخ 19/3/1432ه رقم 4555/ ب، ولكن إدارة المستشفى عندما طلبنا منها توضيح ما جاء في البرقية تجاهلت هذا الأمر، وذلك بحجة أن المريض يمكن علاجه، وأنه لا داعي لإرساله إلى مستشفى آخر، وأن هناك أملا في علاجه لديهم !! ومع مرور الأيام .. ومع هذه المماطلة أصبحنا مكتوفي الأيدي أمام عمي الذي بدأت صحته تنهار أمام أعيننا كل يوم بسبب التأخير في نقله إلى أحد مستشفيات منطقة الرياض، وبعد أيام أصبحنا نقوم بزيارة عمي وإحضار الطعام له من المنزل والذي كان يتناوله بشكل جيد بعد أن منعنا الأطباء من إعطائه أي طعام من خارج المستشفى بحجة أن الطعام قد يسبب له الاختناق في عدم تمكنه من بلعه عن طريق فمه، وبعد تلك المعاناة الطويلة التي عشتها أنا وزوجة عمي وفي شهر رمضان الماضي قرر الأطباء بأن المريض سوف يتم إخراجه من المستشفى إلى المنزل وسوف يتلقى العناية الصحية الكاملة وهو في منزله كل أسبوعين، وهذا ما رفضته تماما .. لأن حالة المريض أصبحت صعبة جدا ولا أستطيع العناية به وهو في هذه الحالة علما بأن عمي الآن أصبح في حالة يرثى لها ولم يعد قادرا على الحركة ولا الكلام، عبدالرحمن والذي نقل هذه المعاناة طالب في ختام حديثه بقوله :» أطالب وزارة الصحة التدخل في هذه المأساة، ومحاسبة من كان السبب في وصول حالة عمي إلى هذا الوضع الحرج، فقد كان من الممكن تدارك هذا الوضع لو تم السماح له بنقله إلى المستشفى التخصصي بالرياض، ومحاسبة الطبيب الذي أكد أن علاج المريض متوفر لديهم بحسب التشخيص المبدئي عند دخوله للمستشفى والذي أرى أنه لم يكن صحيحاً، بدليل أنهم الآن بصدد إخراج المريض من المستشفى ونقله إلى منزله للتخلص منه».