استقبل الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، أمس، رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي الذي أنهى زيارة للجزائر دامت ثلاثة أيام شارك خلالها في لقاءات مكثفة مع رؤساء أحزاب وعدد من المسؤولين آخرهم رئيس الوزراء أحمد أويحيى. وزار الغنوشي الجزائر بناء على دعوة رسمية من بوتفليقة الذي استقبله في إقامة جنان المفتي المخصصة للاستقبالات الرسمية في العاصمة. وحضر اللقاء رئيس مجلس الأمة عبدالقادر بن صالح والوزير المنتدب المكلف الشؤون المغاربية والافريقية عبدالقادر مساهل. ولم تتسرب معلومات عن فحوى لقاء بوتفليقة والغنوشي لكن مصدراً قال ل «الحياة» بشرط عدم كشف هويته إن الرئيس الجزائري حض الغنوشي على «مواصلة عملية الإنتقال الديموقراطي» من دون تسرع. وقال الغنوشي في تصريحات صحافية إنه يريد من خلال هذه الزيارة الإستفادة من التجربة الجزائرية في الانتقال الديموقراطي. وأكد أن حركته تريد من خلال توليها مقاليد الحكومة في تونس «تقديم نموذج عن الإسلام الهادئ وعن السلم، وليس إسلام التهديدات». ووصف العلاقة بين الجزائروتونس بأنها «استراتيجية». وأكد الغنوشي الاتفاق في شكل نهائي على تسمية أمين عام النهضة حمادي الجبالي لمنصب رئيس الوزراء وحليفه في المعارضة والمجلس التأسيسي زعيم حزب المؤتمر منصف المرزوقي رئيساً للجمهورية، في حين سيتولى زعيم التكتل مصطفى بن جعفر رئاسة المجلس التأسيسي. ويُنظر إلى لقاءات الغنوشي بمسؤولين رسميين جزائريين على أنها «رسالة نفي» لأنباء ترددت عن مخاوف جزائرية سابقة من احتمال وصول «إسلاميين» إلى الحكم في تونس. وكان رئيس الوزراء التونسي الباجي قائد السبسي هو السياسي الرسمي الوحيد الذي زار الجزائر بعد سقوط نظام زين العابدي بن علي. وسبق أن زار الغنوشي الجزائر الصيف المنقضي للمشاركة في تأبين رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الشيخ الراحل عبدالرحمن شيبان، واستقبله آنذاك عبدالعزيز بلخادم بصفته ممثلاً شخصياً للرئيس بوتفليقة. يُشار إلى أن الغنوشي عاش سنتين في الجزائر بعدما لجأ إليها هرباً من ملاحقة نظام بن علي له. في غضون ذلك (أ ف ب)، تدشن تونس اليوم صفحة جديدة من تاريخها السياسي ومسيرتها الديموقراطية، مع افتتاح جلسات المجلس الوطني التأسيسي المنبثق من أول انتخابات حرة نُظّمت في 23 تشرين الأول (اكتوبر) والمتمثلة مهمته الأساسية في دستور جديد ولكن ايضاً تحديد والاشراف على السلطتين التنفيذية والتشريعية. وقال احمد المستيري المعارض التاريخي للرئيس الراحل الحبيب بورقيبة والشخصية السياسية المعروفة من زمن النضال من أجل استقلال تونس عن فرنسا في 1956، في معرض تعليقه على حدث انعقاد المجلس التأسيسي إن «هذا الحدث يمثل استقلالاً ثانياً لتونس». وأضاف المستيري الذي عارض نظامي الحبيب بورقيبة وبن علي «انه يرمز إلى قطيعة مع النظام القديم وارساء نظام شرعي». وتتمثل المهمة الأساسية للمجلس الوطني التأسيسي، المكون من 217 عضواً ويهيمن عليه تحالف ثلاثي مكون من النهضة (89 مقعداً) والمؤتمر من أجل الجمهورية (29 مقعداً - يسار قومي) وحزب التكتل من أجل العمل والحريات (20 مقعداً - وسط يسار)، في وضع دستور «الجمهورية الثانية» في تاريخ تونس منذ استقلالها في 1956 ليحل محل دستور 1959. غير أن من مهمات المجلس الوطني التأسيسي ايضاً باعتباره تجسيداً للشرعية واعلى سلطة في البلاد، تولي التشريع وتحديد الاشراف على السلطات التنفيذية حتى تنظيم انتخابات جديدة في ضوء فصول الدستور الجديد. وفي مقابل الغالبية المكونة من النهضة والمؤتمر والتكتل (138 مقعداً) اختار الحزب الديموقراطي التقدمي (16 مقعداً - يسار وسط) والتجمع الحداثي الديموقراطي (5 مقاعد) وهو ائتلاف بقيادة حزب التجديد (الشيوعي سابقاً)، ان يكونا في المعارضة. وبدأت مشاورات بين بعض القوى لتشكيل جبهة معارضة. ويبقى المعطى المجهول وهو موقف اعضاء قائمات «العريضة الشعبية» (تقدمت باعتبارها مستقلة للانتخابات) الجهة التي كانت مجهولة تماماً قبل الانتخابات وكسبت 26 مقعداً لتصبح ثالث قوة في المجلس التأسيسي. وأعلن زعيم هذا «التيار» هاشمي الحامدي رجل الأعمال التونسي المقيم في لندن، الاحد عبر قناته «المستقلة» انه «جمد نشاطه السياسي في تونس» ولم يصدر أي تعليمات لنواب العريضة الذين اعلن بعضهم خروجهم عنه. ومن القوى الأخرى الممثلة في المجلس التأسيسي «حزب المبادرة» بزعامة كمال مرجان آخر وزير خارجية في عهد بن علي (5 مقاعد) وحزب «آفاق تونس» (ليبرالي-4 مقاعد) وحزب العمال الشيوعي التونسي (3 مقاعد) وحركة الشعب (قومي عربي - مقعدان) وحزب الديموقراطيين الاشتراكيين (وسط - مقعدان). وتتوزع المقاعد ال 16 المتبقية بين احزاب صغيرة وقائمات مستقلة بمعدل مقعد واحد لكل منها.