بصفة عامة فإن المديرين العرب قوم تمرّسوا على القسوة والتعسّف في تعاملهم مع موظفيهم. وينسبون ذلك لطبيعة الصحراء والمناخ القاسي. وهذه مبررات واهية لا أساس لها في البحث العلمي وسلوكيات المجتمعات، بل الحقيقة تشير إلى ابن الصحراء واسع البال صادق النية حاضر المشاعر تجاه الناس. اليوم وبعد مرور أكثر من قرن على وفاة «أبو الإدارة العلمية» فريدريك تيلور لا يزال الكثير من مديري الشركات السعودية ينهجون بالصدفة وغير الصدفة منهج الإدارة العلمية. ونلمس هذه القسوة في تعامل المديرين مع موظفيهم والميل إلى استخدام الاسلوب القاسي مع الموظفين في مواقف كثيرة في القطاعين الحكومي والخاص. المدير بلا شك ابن بيئته يؤثر فيها ويتأثر بها كثيراً. البيئة الصحراوية فيها من الجمال وسعة الصدر ما يغلب على قسوتها، لذلك الأجدر أن يكون المدير إنسانياً في تعامله مع من يرأسهم. وتقوم فلسفة الإدارة الإنسانية على مبدأ فهم الجوانب الإنسانية للموظف من قبل مديره وتعامله معه من هذا المنطلق، لكن القليل من المديرين يسلكون مسلك الإدارة الميكانيكية التي تركّز على تحقيق الأهداف من غير تفهّم واعتبارات لقدرات الموظف الجسدية والذهنية وظروفه الشخصية والأسرية، حيث يأتي العمل في المفام الأول. وقد زاد تركيز مفكّري المدرسة الميكانيكية على تحقيق الأهداف والإنتاجية والمهام على حساب الموظف من تعسّف المديرين وتسلطهم على الموظفين وبالتالي زاد في الفجوة بين الموظفين والشركات من جهة وبين الاتحادات العمالية وإدارات الشركات من جهة أخرى. ولقد ظهرت المدرسة الفكرية العلمية في الإدارة في الولاياتالمتحدةالامريكية على يد المفكر الصناعي فريديريك ويلسون تيلور في أوائل القران العشرين، لكنها لم تستمر كثيراً لأسباب سياسية فسّرها السياسيون بأنها غير إنسانية ثم اجهضت في بدايتها. صحيح أنها قامت على أسس تتعارض مع القيم الإنسانية في العمل، لكنها ستنجح لو أخذت في الاعتبار الحد الأدنى في الجوانب الإنسانية. والخطأ الذي وقع فيه مفكّر المدرسة الفكرية العلمية أنه اعتبر الموظف مثل الآلة لا يتعب ولا يكلّ وأن التحفيز المادي جدير بزيادة إنتاجيته متجاهلاً التباين في القدرات الفردية. وقد كان فريدريك تيلور متجاهلاً أداة تحقيق النتائج المأمولة فلا تناسب بينها وبين القدرات الجسدية للعامل. وهذا خطأ فادح بلا شك ساهم في تكتل الموظفين والاتحادات العمالية ضد الشركات. واليوم وبعد مرور أكثر من قرن على وفاة «أبو الإدارة العلمية» فريدريك تيلور لا يزال الكثير من مديري الشركات السعودية ينهجون بالصدفة وغير الصدفة منهج الإدارة العلمية التي تجاهلت قدرات واحتياجات الموظف والطرق الصحيحة لتحفيزه. التحفيز المالي وحده لا يكفي لإدارة الموظفين؛ لأن تلبية الاحتياجات النفسية للموظف وإدارته بالحسنى تحقق النتائج المرجوّة على أساس أن الموظف يحرص على إنتاجية الشركة التي تحرص على تلبية احتياجاته وتعامله بكرامة وإنسانية. جامعة الملك فهد للبترول والمعادن [email protected]