وصلني مطلع هذا الأسبوع مقطع للفيديو تم تداوله بين الناس وكان يصلني في كل يوم من شخص مختلف، هذا المقطع كان عبارة عما يقارب ست دقائق في نصفه الأول يشخّص حال طريق الملك فهد بالدمام وما يعانيه فعلياً من مشاكل، ومن اختناقات مرورية وتوقف للسيارات وضيق في الحيز ووجوده بين نطاق عمراني كثيف وهو يمثل شرياناً مهماً لأكبر مدينة بالمنطقة الشرقية وثالث مدينة سعودية. ثم في النصف الآخر من المقطع تتبيّن الحلول التي من شأنها إنهاء كل المعاناة وذلك بمضاعفة سعة الشارع بنسبة ثلاث مرات لعرضه الحالي ووضع جسور مكيفة للمشاة ومترو للأنفاق لنقل الناس وتقليل الكثافة المرورية، ومسطحات خضراء بيئية على جانبي ووسط الطريق. الشاهد أن هذا المقطع كل ما وصلني.. أجد التعليقات عليه فكاهية جداً فمنهم من وصفه بالخيال ومنهم من وصفه بنكتة العيد.. أي أنني لم أجد تعليقاً واحداً يصدق هذا الفيلم. الفيلم ذكر معلومات عن المنطقة الشرقية وتاريخها وموقعها المهم وما تسعى له أمانة الدمام من جعل هذه المدينة تتلاءم مع أهميتها وموقعها. وأنا هنا أتساءل: هل كان هناك أي مواطن في هذه المدينة يطمح في جسور مكيفة للمشاة؟ أو مترو الأنفاق؟ أو مسطحات خضراء على امتداد الشارع؟ لأن ما أعرفه أن الرغبات تكون مقرونة بالواقع فلا تشطح بعيداً عنه ولا تنعدم نهائياً، ويبقى الطموح متوازناً بين الواقع ومؤشراته وبين التطلعات الممكن تحقيقها، فمثلاً لا أعتقد أنني حين أشاهد المطبات المتناثرة في معظم شوارعنا بأنواعها المختلفة من مرتفعة ومتوسطة ومنخفضة وأحياناً مبتلعة، أن أحلم بجسر مشاة أو طريق عرضه 100 متر، فطموحي لن يتجاوز إصلاح هذه المطبات حتى نتجنب نحن وسياراتنا المشاكل في كل يوم. من يشاهد الحفريات والتحويلات في أهم المناطق الرئيسية والتي تجلس لسنوات عدة فلن يحلم أبداً بمترو ينقله لوجهته خلال دقائق تحت الأرض دون توقف بل يأمل أن تنتهي هذه الإصلاحات ولو في نصف المدة وأقصى طموحه ألا تغلق مرة أخرى للصيانة بمدة لا تبعد عن المدة الأصلية. كيف لنا أن نصدّق أن تحقيق ما في هذا الفيلم قريباً ونحن في كل يوم نمرّ من نفق الدمام الشهير ونقول (الله يثبته وعسى ما يطيح علينا).. هل سنحلم بطرق فسيحة أو بالأصح أنهار فسيحة حين هطول الأمطار ونحن أصلاً لم نحل مشاكل تصريفها؟ بل إن بعض الطرق لدينا تغلق نهائياً ويكون تصريفها بدائياً عن طريق سيارات شفط المياه. هل المقصود من هذا المقطع إشغال الناس به حتى ينسوا معاناتهم اليومية. أنا كمواطن في هذه المنطقة أتنازل عن طموحي في هذا المشروع وأجزم بأن معي كثيرين وأقول (ماعليكم أمر ما نبي هالمشروع) كل ما نريده أن تصلحوا مطباتنا حتى لا تنهش وكالات السيارات والورش جيوبنا من كثرة الإصلاحات وألا تتحوّل سياراتنا إلى قوارب وقت الأمطار وأن تنتهي تحويلات الشوارع في نصف مدتها ولا تحتاج إلى صيانة أكثر من إنشائها من جديد، وحتى لا نعيش في «وهم» لن يتحقق قريباً.. بإذن الله ألقاكم الجمعة المقبلة .. في أمان الله . Twitter: @majid_alsuhaimi