ما الفائدة إذاً من الدراسة والتخصص العلمي إذا تركنا الحبل على الغارب لكل يهرف بما لا يعرف؟! وحين يباغتنا السؤال فليس ثمة محيص من الجواب. في الذهن الجمعي تأصّل فينا مبدأ الاستشارة لكل أحد وفي كل موضوع ليس فيما يبدو لقناعتنا في الاستشارة بوصفها المنطلق والدليل للرأي الأصوب بل لأننا نختبئ وراء هذه المشاورة إلى ضعف في اتخاذ القرار فتكون الاستشارة ليست أكثر من ذريعة نستند إليها فيما لو كانت النتائج أقل من المطلوب ومن المتوقع. هناك مثلٌ شعبي متداول يقول: (اربط صبعك، كل ينعت لك دواء) وهذا المثل واقعي جداً، ففي الأمراض وقانا الله وإياكم منها، وشفى مرضى المسلمين.. كثير من المرضى يستجيب لرأي بعض المحيطين به أكثر من توصيات الطبيب.لننتقل إلى أمثلة واقعية تؤكد وقوعنا في هذا النهج في مختلف الجوانب الحياتية: - المثال الأول: حينما يبدأ أحدنا في التخطيط والتنفيذ لبناء منزل، ستجد من يتبرّع بوقته ويتطوّع بمشورته في إبداء الرأي فيتحوّل جميع من تستشيرهم إلى مهندسين معماريين وفنيين في الكهرباء ومصمّمي ديكور وهم أبعد ما يكونون عن هذه التخصُّصات بل لربما أشاروا عليك بأمر تكون نتائجه سلبية تماماً. - المثال الثاني: هناك مثلٌ شعبي متداول يقول (اربط صبعك، كل ينعت لك دواء) وهذا المثل واقعي جداً ففي الأمراض وقانا الله وإياكم منها، وشفى مرضى المسلمين.. كثير من المرضى يستجيب لرأي بعض المحيطين به أكثر من توصيات الطبيب وكم من روح أزهقت وكم من حالة تدهورت بسبب رأي أرعن ظن صاحبه من حيث يدري أو لا يدري انه محسن وناصح، وإذا به يكون سبباً في نتائج كارثية قد تودي بحياة المريض والأمثلة في هذا الأمر أكثر من أن تعدّ أو توصف. - المثال الثالث: في سوق الأسهم وعندما كان المؤشر وقتها يحلق عالياً تحوّل المجتمع برمته إلى مستثمرين ومحللين في البورصة وخبراء في المال والأعمال والنتيجة أن الخسائر في الأرواح والممتلكات لا تزال آثارها باقية حتى اللحظة. - المثال الرابع: أعجبني أحد المشايخ الفضلاء في أحد البرامج عندما مارس نقداً من الداخل لعدد من الدعاة والمشايخ الذين لا يترددون في الإجابة عن أي سؤال يوجّه إليهم حتى وإن كان السؤال بعيداً عن تخصُّصهم الشرعي والأدهى من ذلك تحوّل عدد من الفنانين التائبين من الجنسين في غضون سنة أو سنتين إلى علماء في الدين يجيبون عن أسئلة المستفتين ويقدّمون البرامج الدينية بلا حسيب ولا رقيب. ولتكتمل الصورة.. انظر لشؤوننا الحياتية وتأمل كيف أننا ننحر التخصص العلمي في استشاراتنا ولتعلم كيف أننا أضعنا الاتجاه لأننا كسرنا مؤشر البوصلة. [email protected]