سعادة الاستاذ تركي السديري - رئيس تحرير جريدة "الرياض" السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: طالعت بكثير من الاهتمام ما كتبته الأخت شريفة العبودي في مقالها (الفايتورين لا يخفض الكوليسترول) يوم الثلاثاء 20محرم، 1429، والتي نقلت فيه ما نشر في الإعلام الأمريكي حول نتائج دراسة علمية نشرت مؤخرا عن عقار الفايتورين. بداية أشكر لها مقالاتها التوعوية، وتحديدا ما يتعلق بقواعد التغذية الصحية واثر ذلك على الوقاية من الأمراض المزمنة مثل السكر وارتفاع الكولسترول - المسببين الرئيسيين لأمراض القلب وتصلب الشرايين في بلادنا - إلا أن الصواب قد جانبها في مقالها هذا فيما يتعلق بتعميم نتائج دراسة الفايتورين السلبية على مخفضات الكولسترول وتحديدا الستاتينات الأخرى مثل الليبتور والزوكور والكرستور والبرافكول وغيرها من الستاتينات. فمن المعلوم لدى الأطباء وبالتحديد أطباء القلب أن لهذه الأدوية أثرا فاعلا في تخفيض الكولسترول السيئ وتخفيض احتمالية نشوء أو تطور تصلب الشرايين والأهم من ذلك تخفيض احتمال الإصابة بجلطات القلب والدماغ بإذن الله. الذي يثبت هذا ليست التجربة الفردية، وإنما مئات الدراسات العلمية المنشورة في مجلات علمية محكمة والتي درست هذه العقارات على مئات الآلاف من المرضى على مدى أكثر من عشر سنوات. لقد بلغ ثبوت فعالية هذه الأدوية حدا جعل عدم إعطائها المرضى الذين يحتاجونها خطأ طبيا ودفع الجمعيات القلبية العلمية مثل جمعية القلب الأمريكية والكلية الأمريكية القلبية وجمعية القلب الأوروبية إضافة للجمعيات العلمية المعنية بأمراض الدهون والتي تحدد المعايير الصحيحة للعلاج، إلى نصح الأطباء باستخدامها لمرضى السكر ومرضى القلب ومن يعاني من ارتفاع الكولسترول المفرط الذي لا يستجيب للحمية، علما بأن هذه التوصيات تصدر من لجان علمية ضخمة أعضاؤها علماء بارزون في هذا الحقل العلمي، والواقع العلمي والعملي يثبت أن الحمية الغذائية وتناول بعض الأغذية الخاصة غير كاف لكثير من المرضى لخفض الكولسترول السيئ للمعدلات المطلوبة في خفض احتمالية الوفاة من أمراض القلب والشرايين بإذن الله. أما ما يتعلق بأثر هذه الأدوية على الكولسترول الجيد والدهون الثلاثية، فليس جديدا أن الستاتينات ليست فعالة بما يكفي في رفع الكولسترول الجيد أو في خفض الدهون الثلاثية، وأن الحمية والإقلاع عن التدخين مثلا وسائل مساعدة في رفع الكولسترول الجيد، وإذا تعذرت السيطرة على الدهون الثلاثية أو فشلت تلك الوسائل في رفع الكولسترول الجيد فهناك أدوية غير الستاتينات تضاف إليها لتحقيق المطلوب. بالنسبة للمضاعفات الجانبية لهذه الأدوية، فلو قرأت الكاتبة كل ورقة مرفقة لقارورة دواء لما تناولت دواء واحدا في حياتها حتى لو كان حبة أسبرين!، حيث انه من الثابت أن لكل دواء مضاعفات جانبية قد تصيب المريض عند تناوله للدواء، هذا ليس جديدا، ولكن المعول عليه مقدار المصلحة المترتبة من تناوله للدواء في مقابل احتمال حدوث المفسدة ونوعها. إذا طبقنا هذا على الستاتينات التي يأخذها مرضى القلب أو المصابون بارتفاع الكولسترول، فالدراسات تظهر أن تناول هذه الأدوية المصحوب بالمتابعة يقلل احتمالية حدوث الجلطات القلبية وجلطات الدماغ والوفاة الناجمة عنهما بنسبة 25إلى 40%، بينما المضاعفات التي ذكرتها الكاتبة مثل آلام العضلات لا تصل نسبة حدوثها إلى 1% من بين آلاف المرضى الذين تناولوا هذه الأدوية في الدراسات العلمية، وحدوثها مرتبط بجرعة الستاتين وأحيانا نوع الستاتين وبالإمكان التخلص من هذه المضاعفات بمجرد التوقف عن أخذ هذا الدواء. وأما تشوش الذهن وضعف القلب وغير ذلك من المضاعفات فلست أدري من يقول بهذا غير رائد الفضاء السابق الذي نقلت عنه الكاتبة! خلاصة القول ان هذه الأدوية نادرة المضاعفات خصوصا إذا كانت بإشراف الطبيب، ولذا ينبغي استشارته عند حدوث أي أعراض جديدة قبل التوقف عن أخذه. إضافة إلى ذلك أرجو أن يكون واضحا أن استخدام هذه الأدوية يكون باستشارة الطبيب المعالج الذي يرى جدوى استخدامها بالنظر إلى حالة المريض. إن من المؤلم بحق أن يتم هدم جهود رفع الوعي الصحي الذي يقوده أطباء القلب والحملات التوعوية التي تنفذها الجهات الرسمية في استخدام علاجات غاية في الفعالية، استنادا لما يذكر في قناة تلفزيونية أو جريدة يومية أو موقع ويكيبيديا أو حتى كتابات رائد فضاء سابق ! وإن أثر مقالة الكاتبة الفاضلة كان غير محسوب العواقب بالنظر إلى البلبلة التي خلقها المقال في أذهان كثير من المرضى الذين يتناولون هذه الأدوية ولا أدل على ذلك من جملة التعليقات المنشورة على موقع جريدة الرياض الإلكتروني، أو الأسئلة المتوالية من كثير من المرضى الذين أصابهم شيء من الفزع بعد قراءة المقال، لا بل لقد ردت الكاتبة على بعض الأسئلة والتعليقات من مرضى، وهذا بلا شك تعد للتخصص والصلاحية، ولو كانت في أمريكا التي تنقل عن إعلامها، لتعرضت للمساءلة القضائية باعتبار أنها تعطي استشارات طبية وهي ليست مجازة بشهادة طبية تمكنها من ذلك. لقد كان الأحرى بالكاتبة أن تستشير ذوي الخبرة في المجال بدلا من النقل غير المنضبط، لتتلافى بذلك ما قد يضر المرضى أو يخلق لديهم حالة من القلق أو على أقل تقدير فقدان الثقة التي قد يحملها المريض تجاه طبيبه المعالج التي هي أساس العملية العلاجية. أرجو أن تتحمل الكاتبة الموقرة نقدي هذا بصدر رحب، وأن تتابع نشر مقالاتها التوعوية في نطاق تخصصها المتعلق بالغذاء الصحيح. ولكم مني كل احترام وتقدير. *عضو هيئة التدريس في كلية الطب جامعة الملك سعود استشاري أمراض القلب والشرايين مستشفى الملك خالد الجامعي