يدق نقار الخشب مسافة قد تصل إلى سبعة أمتار في الثانية الواحدة في الأشجار. ويشبه ذلك قيام إنسان بضرب رأسه في حائط بسرعة 25 كيلومتر في الساعة. هذا ما يفعله طائر نقار الخشب ما يصل إلى 20 مرة في الثانية في بعض الأحيان أي ما يساوي 12 ألف نقرة في اليوم. كان ذلك يستوجب أن يصاب هذا الطائر بتصدع في الجمجمة أو أن يسقط من على الشجرة. غير أن شبكة معقدة من الآليات تحول دون حدوث ذلك حسبما أشار علماء من الصين و هونج كونج في مجلة "بلوس ون" الأمريكية على عددها الإلكتروني اليوم الثلاثاء. ومع أن الباحثين لم يستطيعوا التثبت مما إذا كان نقار الخشب لا يصاب أبدا بالصداع إلا أن المعلومات التي حصلوا عليها خلال دراستهم ربما ساعدت على تطوير خوذات واقية لرأس الإنسان. رصد الباحثون تحت إشراف يوبو فان من جامعة بيهانج في بكين نقر نقار الخشب الملون بكاميرات حساسة وكذلك سجلوا قوة النقر بحساسات دقيقة. ولمعرفة مدى سرعة نقر نقار هذا الطائر في الخشب سجل الباحثون أيضا سرعة نقر الهدهد في الأرض بحثا عن الديدان ثم استخدموا البيانات التي حصلوا عليها من هذه المراقبة في عمل نماذج لنقر هذا الطائر يمكن من خلالها قراءة تفاصيل أكثر في عملية النقر. وتوصل الباحثون من خلال هذه النماذج إلى أن طائر نقار الخشب يحمي نفسه من صدمات النقر بالاعتماد على مناطق إسفنجية مسامية في عظام الجمجمة والتي توجد بشكل خاص في منطقة الجبهة وفي مؤخرة الرأس. كما اكتشف الباحثون عاملا آخر يساعد في امتصاص الضربات الناتجة عن النقر وهو أن الأنسجة الخارجية للجزء الأعلى من المنقار أطول بنحو 1.6 ميلليمتر عن الجزء الأسفل منه مما يجعل الجزئين لا يجتمعان معا في نقرة واحدة ولكن بفارق ضئيل للغاية ويؤدي إلى توزيع صدمة النقر عليهما ويخفض من قوتها. كما تبين من خلال البيانات التي جمعها الباحثون أن مؤخرة اللسان غير العادية لدى نقار الخشب طويلة بشكل يجعلها تعمل وكأنها حزام أمان لرأسه. كما أن عظمة اللسان المرنة والدقيقة التي تمتد من الفك تتوزع بين العينين وتدور خلف الجمجمة وتصل إلى الفك السفلي مرة أخرى إلى الأمام وحتى المنقار. وقال الباحثون إن جزءا كبيرا من الوفيات والإعاقات المستديمة في العالم سببه إصابات الرأس وإن البيانات التي حصل عليها الباحثون خلال دراسة نقر نقار الخشب يمكن أن تساعد على تطوير خوذات واقية لرأس الإنسان.