لا يمكن لأي مراقب أن يغفل مبادرة السيد المستشار مصطفى عبدالجليل الزعيم الليبي للعهد الجديد ورئيس المجلس الوطني الانتقالي في غمرة إعلان بيان التحرير حين وجّه من على منصة الحفل التاريخي ومن بنغازي مهد الثورة تعازيه للمملكة العربية السعودية دولةً وشعباً في وفاة سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز «رحمه الله» ونقف هنا قبل الاستطراد لتقديم واجب العزاء لخادم الحرمين الشريفين والأسرة الملكية الكريمة في رحيل سمو ولي العهد داعين له بالرحمة والمغفرة، إن استحضار الشخصية المركزية للثورة الليبية المُجمع عليه وطنياً الشيخ الجليل مصطفى عبدالجليل لمناسبة رحيل الأمير سلطان إنما يضاف للعديد من الرسائل الإيجابية التي وجّهها شخصياً ووجهتها ليبيا العهد الجديد إلى المملكة كدولة تبادر ثورتها المباركة بعد خلاصها من الطاغية القذافي مجرم الحرب الأثيم، لكي تؤكد طرابلس أن مبادئها الأصلية المتمسّكة بها هي الالتقاء مع الدول الشقيقة الكبرى في المنطقة واتحاد المصالح معها بناءً على المرجعية العربية الإسلامية الموحّدة وقرار الشعب المستقل القائم على مصالحه ومصالح محيطه لا تخبط النظام الرسمي الذي كان من أسوأ نماذجه عهد العقيد المنهار. والشهادة التي أدلى بها السيد عبدالرحمن شلقم وزير الخارجية الليبي – مسؤول الاتصال الخارجي – السابق واحد قيادات العمل الدبلوماسي الرئيسية للثورة الليبية في حديثه مع قناة العربية عن رفض خادم الحرمين الشريفين أي إضرار بليبيا كرد لتصفية الحساب مع الحكم السابق تؤكد متانة العلاقة وقدرات التأسيس الجديد لها، وهي مبادرة التقاء حين تتحقق من الجانبين فهي ستخلق عهداً جديداً قوياً من الشراكة المصلحية لدولتي المشرق والمغرب العربي الأكبر مساحة وثروة نفطية المتحدتين في الدين والعروبة وتؤسّس لهما فرص استثمار عديدة وتواصل سياسي وشراكة اقتصادية وتبادل بالخبرات تنتظم في داخل البيت العربي وتتوجّه لخدمة الشعبين والمحيط العربي الكبير حين يُشرك في برنامج هذه العلاقة ويُحقق مصالح ومشاريع للقوى البشرية العربية وتوازناً اقتصادياً جديداً للثروة العربية لأجل الأمن القومي الاقتصادي المهم للوطن العربي الكبير. هناك طمأنينة واسعة وودٌّ وارتياح مشترك بين الشعبين الليبي والسعودي خلقته ثنائية رائعة تتمثل بمدرسة الحفاظ على القيم والهوية وفي ذات الوقت التطلع للتطوّر الايجابي في كل مسارات الحياة والتنمية، وهذا التوجّه والتطلع من طرابلسالجديدة للرياض لتحقيق هذا الجسر والتآخي المبدئي المصلحي سيُعطي للرياض بُعداً جديداً لقوتّها الإستراتيجية. إنّ هناك طمأنينة واسعة ووداً وارتياحاً مشتركاً بين الشعبين الليبي والسعودي خلقته ثنائية رائعة تتمثل بمدرسة الحفاظ على القيم والهوية وفي ذات الوقت التطلع للتطوّر الايجابي في كل مسارات الحياة والتنمية، وهذا التوجُّه والتطلع من طرابلسالجديدة للرياض لتحقيق هذا الجسر والتآخي المبدئي المصلحي سيُعطي للرياض بُعداً جديداً لقوّتها الإستراتيجية التي تؤسّس مع عهد الشعوب الجديد خاصة الثورات ذات العلاقة الحيوية والتي نجحت في الانتصار كليبيا وفي الطريق إن شاء الله اليمن وسوريا وكل هذه الجغرافيا حين نتأمل كمراقبين يسعون لتأسيس علاقة حيوية مع المملكة وشراكة إستراتيجية في استقلال عن أي محاور إقليمية أو دولية مضرة بالمصالح العربية وعلاقاتها الثنائية والقومية. ولذلك فان مبادرة الدولة لمدّ الجسر مع ليبيا العهد الجديد ستخلق لها أرضية كبيرة جداً من الشراكة والمتانة من المهم أن نسعى لتحصيلها، ولا نفرط فيها، وان كانت ليبيا من خلال طبيعة الشعب وهيمنة التوجّه الإسلامي على الثورة الذي يُدرك ضرورة بناء الدولة المدنية الحديثة الحقوقية مرجعيتها الشرعية، كما قال السيد المستشار لكنها دولة دستورية حقوقية منفتحة على كل ما يؤسس للعدالة الاجتماعية والتنظيم السياسي وحرية التعبير، وقد بدأت المسيرة من تجميع السلاح ودمج الثوّار الذي ينبغي أن يتم سريعاً في دستور يحقق الديمقراطية الإسلامية في مدرسة مقاصد التشريع، وهذه الطبيعة الإسلامية للمجتمع الليبي اتضح فيها حنينه للمجتمع العربي الذي هاجر منه في الجزيرة العربية مع أوائل الفتح الإسلامي وانتقل ببنائه الاجتماعي وحافظ عليه مع علاقة حميمية وشراكة وطنية مع إخوانهم الأمازيغ، وبقيت هذه العلاقة متحدة مع المشرق العربي رصدناها بقوة في كل تفاصيل الأحداث التي عاشتها الثورة المجيدة وصوّرت لنا العلائق الليبية المتحدة مع الجزيرة طبعاً وبناءً اجتماعياً ونزعة محافظة قيمية تسمعها حتى من ذوي التوجّه الليبرالي الليبي، كُل ذلك يُعزّز فرصة الجسور المُهيّأة بين المملكة وبين الشعب الليبي الشقيق وحكومة الثورة وهو أيضاً ما يساعد في صناعة ليبيا الجديدة التي يُقرر شعبها خطه بملء إرادته ويحترمه أشقائه ويؤسّسون شراكة البناء الاستراتيجي الذي سيكون رائعاً أن ينطلق مع الرياض عاصمة العرب. والحقيقة أنّ فرص البناء مع العهد الجديد في الربيع العربي بين المملكة وعواصمها إمكانيتها متاحة جداً خاصة في مصر ما بعد الثورة ولا يجب أن تبتعد الدبلوماسية والعلاقات الحيوية السعودية معها بل تسعى لتعزيز هذه الجسور وقطع محاولات الخصوم الإقليميين والدوليين لتوتيرها عبر الاقتراب من نبض الشارع المصري وإقامة الجسور معه ومع مصالحه القومية وقيادة العهد الجديد، وهنا من ليبيا إلى مصر تؤسّس المملكة لمحور جديد في الربيع العربي تزداد به قوة ويزداد العرب استقلالاً وأخوّة ليكون الربيع العربي ربيع التآخي والقوة السياسية والاقتصادية العربية، ويكون عقد الشراكة متيناً لأنه مؤسّس على حرية الشعوب وقرارها والاستثمار معه أقوى مهما حاول تجار الفتنة إشعاله بين الخليج العربي والربيع العربي فإن كُل العقلاء يعتقدون ان أبواب الوحدة مفتوحة وأبواب الفتنة مصنوعة.