تخرج من الثانوية العامة بتقدير لا يؤهله لدخول مستوصف، ومع ذلك أصر على دخول كلية الطب، كل محاولات التحاقه بالكلية الحُلم باءت بالفشل، وخطابات شفعائه لم تُفلح في فتح أي من الأبواب المغلقة، حتى عُززت الشفاعات بشفاعات فأتيح له دخول كلية أخرى، ولكنه لم يستمر، كونه لم يتصور نفسه - كما يقول- في شيء غير الطب ! عندها ترك كليته غير أسف عيها، فلما قيل له: هل ستقعد دون دراسة؟ قال: سأدرس ولكن في تلك الدولة، وسمى واحدة من دول شرق آسيا التي اشتهرت بكل شيء إلا الطب، المهم أنهم صدقوه وعلى نفقتهم ابتعثوه، على أمل تحقيق حُلمه المتواري خلف معطف طبي ناصع البياض . مكث هناك سبع سنوات كما ينبغي لطبيب حاذق أن يدرس، وفيما الأهل يتحرون عودته فاجأهم بتمديد دراسته سنة أخرى، وفي أثناء ذلك توفي والده، فأبى أخوه الأكبر أن يُمده بالمال، بعد تسرب أخبار انقطاعه عن الدراسة، المنع لم يُجد في التعجيل بعودته، فاضطر للاستغاثة بأحد أقاربه لتمويل بقائه هناك، يقول صاحبي: كنت أدخر مبلغا لا بأس به حين جاءتني استدانته ملونة باستغاثة واسترحام مُلحين، فلم أجد مناصا من دفع المبلغ إليه، قبل أن أعلم لاحقا أنه لم يدرس الطب إلا أشهرا، وفي معهد بائس لا تعترف به حتى مستشفيات تلك الدولة، وهو لا غيره الذي أهله للعودة إلى الوطن بمؤهل طبيب إبر صينية ! كنت أدخر مبلغا لا بأس به حين جاءتني استدانته ملونة باستغاثة واسترحام مُلحين، فلم أجد مناصا من دفع المبلغ إليه، قبل أن أعلم لاحقا أنه لم يدرس الطب إلا أشهرا، وفي معهد بائس لا تعترف به حتى مستشفيات تلك الدولة، وهو لا غيره الذي أهله للعودة إلى الوطن بمؤهل طبيب إبر صينية !يقول صاحبي بعد عودته قدرت انه سيتصل بي ولكنه لم يفعل، حتى تلقيت دعوة أسرية للاحتفال به في استراحة كبيرة ، وهناك التقيته وعانقته بحرارة فرد علي بفتور، كان يقعد في صدر المجلس منتفشا كطاووس، ويتحدث بلغة هجينة لا ينطق بجملة عربية إلا أتبعها بكلمة إنجليزية، والبسطاء من حوله ينظرون إليه منبهرين ! حين دعانا مضيفونا إلى الطعام قالوا لنا: تفضلوا الله يحييكم على واجب الدكتور ، وبعد فراغنا وتناول القهوة والشاي لم يكن أحد من الحضور يدعوه بغير الدكتور، والذين أصروا على دعوته إلى مناسبات مماثلة لم يكن هدفهم إلا الاحتفاء بابن عمهم الدكتور ، المال الذي أخذه لم يُعده إليّ، ولست آسفا وقد عوضني الله الكثير، ولكني أتألم كلما مررت بعيادته وعلمت أن الكثير من الأجساد تُثقب فيها ! [email protected]