عندما نسمع بقرب وعزم أحد أبنائنا على الزواج نُسر ونفرح بغض النظر عن كونه من الأهل والأقارب أو الأصدقاء .. ذلك لما في الزواج من فوائد دينية ودنيوية عديدة وجامعة ، غير أن بعض العقبات التي تُصاحب الإعداد للزواج تؤجل إتمام المناسبة أو تؤخرها إلى شهور عديدة وربما تمتد إلى عام أو أكثر في بعض الحالات جراء تشدد واشتراطات أهل الخطيبة بضرورة إعداد وتجهيز كذا وكذا .. أو سداد مبلغ كذا .. وتمر الأشهر والسنين بالشباب في انتظار تحقيق المطالب والشروط الصعبة أو التعجيزية التي فُرضت على الخاطب قسراً باسم المدنية أو الحداثة أو.. أو .. الخ من المبررات التي تجعله أمام خيارين أحلاهما مُر: إما أن يستدين أو يؤخر الزواج إلى وقت غير معلوم . وقد تعودنا أن تأتي الإجازة الصيفية في الغالب بأكثر الدعوات لحضور مناسبات الزواج .. لذلك سأورد لهم قصة عن زوج وزوجة في حياة أحد التابعين أتركه يحكي قصة زواجه من امرأة صالحة وحافظة لكتاب الله ذات أدب وجمال وحسن خلق .. وبالطبع ليس المقصود أن يكون الناس جميعهم مثل سعيد وإن كان البعض القليل منهم نسمع أنهم كذلك.. لكن المقصود العبرة منها في تبسيط الأمر وإتمام زواج الأبناء بأيسر وأقل التكاليف الممكنة.. يقول الزوج ابن أبي وداعة وهو كثير بن المطلب : كنت أجالس سعيد بن المسيب أحد كبار التابعين وكان على رأس فقهاء المدينة في زمانه، والمقدم عليهم في الفتوى حيث اشتهر بفقيه الفقهاء،جمع بين الحديث والفقه والزهد والورع ففقدني أياماً ولم يجدني في حلقات الدرس .. فلما جئته سألني : أين كنت ؟! فقلت : توفيت زوجتي فاشتغلت بها . فقال : ألا أخبرتنا فشهدناها ؟ بعدها أردت أن أقوم،فقال: هل استحدثت امرأة ؟ أي هل تزوجت بعدها فقلت : يرحمك الله ، ومن يزوجني وما أملك إلا درهمين أو ثلاثة ؟! فقال: أنا .. فقلت: أوَ تفعل ؟ قال : نعم .. ثم حمد الله تعالى وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم وزوجني على درهمين أو ثلاثة فقمت من عنده وما أدري ما أصنع من الفرح،فذهبت إلى منزلي وجعلت أفكر ممن استدين ، وكنت وحدي صائماً فقدمت عشائي لكي أفطر وكان خبزاً وزيتاً فإذا بالباب يقرع .. فقلت : من هذا ؟ قال : سعيد .. ففكرت في كل إنسان اسمه سعيد إلا سعيد بن المسيب فإنه لم يُر أربعين سنة إلا بين بيته والمسجد .. فقمت فخرجت فإذا سعيد بن المسيب .. فقلت : يا أبا محمد ألا أرسلت إلي فآتيك ؟! فقال لي : لأنت أحق أن تُؤتى .. وإنك كنت رجلاً عزباً بعد أن توفيت زوجتك فتزوجت .. فكرهت لك أن تبيت الليلة وحدك.. فهذه امرأتك .. فإذا هي قائمة من خلفه في طوله ، ثم أخذها بيدها فدفعها بالباب ورد الباب فسقطت المرأة من الحياء ، فبلغ الخبر الجيران وأمي وجاءوا لها ثم أقمت ثلاثة أيام بعدها دخلت بها ، فإذا هي من أجمل الناس وأحفظهم لكتاب الله وأعلمهم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعرفهم بحق الزوج . ثم يذكر أنه عندما أراد الذهاب لمجلس سعيد بن المسيب بعد زواجه قالت له زوجته: اجلس أعلمك علمَ سعيد لغزارة علمها الذي نهلته من أبيها رحمهم الله جميعًا وقد أغناهم الله من فضله حيث وجه له سعيد بن المسيب بمبلغ عشرين ألف درهم . فندعو الله تعالى أن تهل علينا الإجازة الصيفية القادمة وتكون مناسبات الزواج أكثر من الأعوام السابقة وأن تُكلل بالسعادة لأبنائنا وبناتنا وأن يجلس كل منهم ليعلّم الآخر علم سعيد .. والعلوم النافعة.. [email protected]