دوماً ما تنتهي الأفلام الهندية بنهايات سعيدة، هذا ما تشتهر به، بينما الأفلام السعودية تشتهر بأنها عبارة عن وعود مسؤول لا تنفذ، وبما أن الأفلام السعودية لا تجد لها قاعات سينما تُعرض فيها إبداعاتها، فقد وجدت لها صفحات الصحف مكاناً لعرض إنتاجاتها. يقال إن «عرقوب» الذي اشتهر بإخلافه المواعيد حتى ضُرب به المثل في ذلك، فقيل «مواعيد عرقوب» كان من العمالقة الذين يصنفون من ضمن «العرب البائدة» إلا أنني أعتقد أن ذرية عرقوب لا تزال تسكن الجزيرة العربية، فعرقوب كان الوحيد الذي نجا من قومه وخلف ذرية من بعده بعضها من بعض، استطاعت بتملقها وحنكتها ومماطلتها أن تتبوأ أرفع المناصب، فليست الوعود التي نسمعها يوماً بعد يوم ونقرؤها من حين إلى آخر إلا وعوداً صادرة من ذرية عرقوب وإلا فما التفسير لحزم الوعود المخلفة وغير المنفذة، والمطابقة تماماً لسيرة عرقوب في إخلافه وعوده، إن مجموعة الوعود الكثيرة التي يكرمنا بها أصحاب المسؤولية تجعلنا قادرين على إصدار كتاب متخصّص بالوعود لكل سنة مقبلة، ولسنا بالتأكيد بحاجة لكتاب آخر يوثق الوعود غير المنجزة، فكل وعود الكتاب الأول ستكون غير منجزة، ويكفي تصفّح الأعداد السابقة لجريدة واحدة لتقرأ عدد الوعود التي يطلقها المسؤولون بين حين وآخر وكأنهم في موقف جحا عندما تصدّى لتعليم حمار الوالي القراءة مشترطاً عدة سنوات لتنفيذ المهمة، ولما سأله المقرّبون منه مستنكرين: كيف ستعلمه؟ قال إما أن يموت الحمار خلال هذه السنوات أو يموت الوالي أو أموت أنا، فأولئك المسؤولون هم كذلك اما أن يموتوا أو يموت الشعب، ومن ينتظر تنفيذ وعودهم أو يموت المشروع بابتكار تقنية جديدة. ولم تقتصر حالة الوعود على إنجاز المشاريع المستقبلية بل وتطوّرت وأصبحت نوعاً من الاعتذار والتبرير، فقد تدهم السيول مدينة ما ويموت عشرات الأشخاص بسبب الفشل في التعامل مع حالة الطوارئ تلك فيخرج مسؤول مرتدياً معطفاً جلدياً يقيه البرد ويحفظه من برودة نفسه ليعد بعدم تكرار ما حدث، طالباً من مستمعيه انتظار السيول القادمة فالسنة القادمة لن يموت أحد!! إن حالة الإحباط، التي أصبحت تصيب كل متلقٍ وعداً جديداً، يجب أن يقابلها حل عاجل حتى لا يعم الاكتئاب المجتمع وليس أفضل من ذلك أن نطلب من كل مسئول عند تصريحه بوعد ما أن يرفق معه وعداً آخر في حالة عدم تحقيقه وعده بشرط أن يكون وعداً ساخراً جاذباً لئلا نُصاب بحالة الملل واليأس، فقد يكون مناسباً أن يكون حلاً من شاكلة (احلق شنبي)، وإن كان الإبداع مطلوباً، فما المانع من أن يعد بالاستقالة إن لم يُنجز وعده، أو أن يعلم الجميع من أين له كل ما لديه؟ أو أن يوزّع جزءاً مما لديه للجمعيات الخيرية، نحن بحاجة ماسة إلى تعامل آخر مبتكر مع تلك الوعود المكررة.