كتب بعض الإخوة الكُتّاب شيئاً من تفاصيل زيارتهم لهيئة السياحة السعودية، وأسهب البعض حول ما تخللها من لقاءات مختلفة مع مسئولي الهيئة كان على رأسهم أمينها الأمير سلطان بن سلمان ولقاؤهم المطول معه؛ وقال الكتبة قولتهم في السياحة السعودية ما لها، وما عليها قبل الملتقى، وبعد اللقاء. وحتى لا أقع في دهاليز التكرار فأكرر ما رواه الزملاء عن الزيارة وأجوائها، واللقاءات ووقائعها.. رأيت أن أروي لكم اليوم انطباعاتٍ شخصيّة تكوّنت عن تلك الهيئة الحكومية الوليدة كوادر، وأمينا وذلك إبّان تلك الزيارة، وخلال تلك اللقاءات.. ولزاماًً أرى أن يكون مدخل تلك الانطباعات هي تلك المعتقدات الإدارية التي تقول: إن المورد البشري هو عملاق النجاح للكيان الذي يخدم فيه إن هو اتصف بصفات الإنسان الناجح، وأخذ بأسباب مقوّمات النجاح.. أو سيكون لا محالة دون ذلك بؤرة الفشل الذي يقضي على كيانه الذي يعمل من خلاله، ويخدم.. وأن المسئول الأول في أي كيان حكومي، أو أهلي هو ربّان مركب ذلك المرفق يمخر فيه عباب البحار دونما خوف، أو هوادة بإبداعاته القيادية المرنة، واعترافاته المتكررة بالخطأ مع الالتزام بتصحيحه. وإلا يقيناً سيهبط بمركبه قعر البحار فيغرق هو، ومن معه إن هو لم يلتزم بمثل تلك المبادئ، والقيم القيادية، والإدارية المحفوظة المعروفة. لقد تألقت كوادر تلك الهيئة بالابتسامة الصافية، وتوشّحوا رداء الخُلق الكريم.. صفاتٌ اجزم بأنك قلّما تراها في بعض أقرانهم من العاملين في مرافق الدولة؛ كل ذلك يجعلك مستيقناً بعد يأس أن هذه الهيئة السياحية بتلك الكوادر ستُحيل المستحيل، وستطيّع اللا مستطاع، وسنرى منها ما يجعلنا نباهي به الأمم إن هي حافظت على تلك الروح العملية المثالية، ونمّتها.بادئ ذي بدء ستأخذك الدهشة من أول وهلة تدلف فيها بوابة مبنى الهيئة؛ إذْ إنك سترى بناءً متناسقاً جميلاً أشبه ما يكون بفنادق السبعة نجوم والذي سيوحي إليك بأنك في مبنى خاص، أو مرفق حكومي غير سعودي؛ لأنك وببساطة لم تعتد إلا على المباني الحكومية شبه المتهالكة، وإن أحسنت الظن قلت لم أرَ في مرافقنا الحكومية سوى مبانيها الكلاسيكية التي لا تمتع ناظرك بجمال هندستها، ولا تترك لدى الغريب إلا انطباعاً بتخلفنا الهندسي رغم الميزانيات الضخمة التي تصرفها الدولة عليها. ومن زاوية أخرى أهم من سابقتها فقد كان كوادر تلك الهيئة على قدر من المسئولية، والاجتهاد، والمثابرة (خليّة نحل) تعمل دونما كلل، أو وصب.. لقد تألق كوادر تلك الهيئة بالابتسامة الصافية، وتوشّحوا رداء الخُلق الكريم.. صفاتٌ اجزم بأنك قلّما تراها في بعض أقرانهم من العاملين في مرافق الدولة؛ كل ذلك يجعلك مستيقناً بعد يأس أن هذه الهيئة السياحية بتلك الكوادر ستُحيل المستحيل، وستطيّع اللا مستطاع، وسنرى منها ما يجعلنا نباهي به الأمم إن هي حافظت على تلك الروح العملية المثالية، ونمّتها. أما رئيسها، وأمينها الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز فقد فاجأ من لا يعرفه: ببساطة الرجل العاقل، وأريحية الإنسان المتصالح مع نفسه، وتواضع المسئول الواثق.. لقد كان سلطان بن سلمان في ذلك اللقاء وكعادته، كما يقول العارفون به.. رجلاً عادياً كما ينبغي للرجل أن يكون.. متبسّطاً في (سوالفه) تبسّط الرجل مع أهله.. لا ينتقي تراكيب كلماته، ولا يختار مفردات حديثه.. هذا ولم أره يتميّز بهندام يخصّه عن غيره. يلفت انتباهك مدى الود الأخوي بين سلطان وبين كوادر هيئته من مرؤوسيه إلى حدّ اللا معقول مما لم نعهده لربما بين رئيس قسم وموظفيه.. تقف جميع قواك مشدوهة حين تسمعه (وكمسئول واصل) يعترف لك بالخطأ أكثر مما يبرره لك.. إنني أقولها لك وبحق يا سلطان: لقد كنت سلطاناً في التواضع الذي لا محيد لمخلوق عنه، وأثبتّ لنا أن المسئول كلما علا رتبة فازداد تواضعاً أحبته القلوب، ورامته الأفئدة.. وكلما اعترف المأمون بخطئه، وتقصير إدارته قبلت عثرات بشريته العقول.. وما تودد ذو مقام لمن دونه إلا وازداد قرباً للصغير قبل الكبير، ورزقه الله قبولاً في الأرض.. هذا ودمتم أيها القراء الأعزاء بخير. [email protected]