دخل أبو علقمة النحوي على أحد الأطباء ، فقال : اني أكلت من لحوم الجوازئ وطسئت طسأة ، فأصابني وجع بين الوابلة الى دأبة العنق ، فلم يزل يربو وينمو حتى خالط الشراسيف ، فهل عندك دواء ؟ قال الطبيب : نعم ، خذ خوفقا وسربقا ورقرقا ، فاغسله واشربه بماء ، فقال : لا أدري ما تقول. " قال : ولا أنا دريت ماقلت " وللعلم فالجوازئ جمع جازئة وهي البقرة أو الظبية وطسئت طسأة أي أتخمت تخمة من أكل الدسم والوابلة هي طرف العضد في الكتف والدأبة فقرة أو عظم العنق والشراسيف جمع شرسوف وهو طرف الضلع من جهة البطن ، وقد قفزت أمام ناظري هذه الطرفة وأنا أقرأ بين حين وحين في صحفنا ومجلاتنا العربية هذه ال " فذلكة " التي تمارس من قبل بعض الكتاب الصحفيين وهم يعالجون الكثير من القضايا الساخنة والباردة حيث يحشرون بين ثنايا سطورهم طائفة من الكلمات الوحشية التي يستعصى على القارئ فك رموزها وطلاسمها .الكتابة الصحفية تحديدا تختلف عن صنوف من الكتابات الأدبية والفكرية وأهم عنصر من عناصرها أن تكون كلماتها مفهومة وتتمتع بالجزالة والسلاسة وخلوها من الألفاظ الوحشية ذات المعاني المطلسمة من وجهة نظري الخاصة فان الكتابة الصحفية تحديدا تختلف عن صنوف من الكتابات الأدبية والفكرية وأهم عنصر من عناصرها أن تكون كلماتها مفهومة وتتمتع بالجزالة والسلاسة وأن تخلو من الألفاظ الوحشية ذات المعاني المطلسمة التي قد تضطر القارئ الى البحث عنها في المعاجم والقواميس ، انها كتابة الهدف الأساس منها ايصال المعلومة الى القارئ بأسهل طريقة ممكنة دون رتوش وتزويق وحبكات تفقدها رونقها وتبعدها عن الوصول الى غرضها الحقيقي ، ولا أظن أن القارئ المعاصر لديه متسع من الوقت للبحث عن معاني الكلمات الصعبة لفك " شفرات " هذه المقالة أو تلك لاسيما في هذا الزمن المعروف برتمه السريع وكثرة وسائل الاتصال فيه وعلى رأسها هذه الشبكة العنكبوتية التي تكاد تسحب البساط من تحت مختلف وسائل الاتصال التقليدية ، وأنا على ثقة تامة بأن القارئ المعاصر ان صادف لغة " معماة " في صحيفة أو مجلة كتلك التي خاطب بها أبو علقمة طبيبه فانه سوف يعزف عن قراءتها وسوف يرمي بها وبكاتبها عرض الحائط. [email protected]