عاد محمد دحلان عضو مركزية فتح ومسؤول لجنتها الإعلامية المجمد حركيا إلى القاهرة قبل أربعة أيام، بعد أن طلبت لجنة التحقيق الفتحاوية مغادرة رام الله بشكل مؤقت، فى الوقت الذى تستمر فيه التحقيقات سارية مع مقربين من دحلان فى كافة أركان السلطة الفلسطينة، وفسرت أجواء الصمت بأن دحلان لم يعد له من يدافع عنه خاصة فى ظل خوف أصدقائه ومقربين منه من بطش السلطة وغضب أبو مازن. احتواء الملف وحسب مصادر فى القاهرة أكدت ل «اليوم» فإن دحلان مطلوب منه عدم استباق نتائج التحقيقات بأي تصريحات إعلامية من أى موقع يتوجه إليه، وهو ما شددت عليه القاهرة التى دخلت على خط القضية منذ بدايتها، التى تشدد من زاوية أخرى عن احتواء الملف فى الوقت الراهن بهدف الحفاظ على تماسك الحركة وليس الحفاظ على دحلان التى تتحفظ عن دعمه، حتى أنه وجد صعوبة مبالغ فيها فى مقابلة الوزير عمر سليمان قبل مغادرته القاهرة، ولم يكن اللقاء الذى عقد قبل ساعتين من توجهه الى رام الله مبشرا لدحلان، وإن ظل حريصاً على إبداء تماسكه. وفى سياق متصل دخلت وسائل إعلام اسرائيلية على الخط لتعلن أن عباس حصل على تسجيل صوتي لدحلان قال فيه : إن عباس لا يصلح لقيادة الشعب الفلسطينى والتربع على قمة هرم السلطة، وأنه صاحب الفضل الأول في صناعة أبو مازن وحمايته وهو يتجول في دول العالم لفتح آفاق «البزنس» لأبنائه، وهو ما لم يتم نفيه حتى من جانب دحلان نفسه الذى قال من رام الله فى تصريح لم يتكرر : «تم تجاوز الأمر الخاص بأبناء الرئيس، فى اشارة إلى أن المسألة كانت محل التحقيق. دحلان وإن شدد خلال تلك التصريحات أنه «لا قضية» قام الرئيس عباس بفض كل من حول دحلان، سواء فى اللجنة الإعلامية أو المركزية أو المجلس الثوري، وحتى جهاز الأمن الوقائي الذى كان دحلان يترأسه حتى انقلاب غزة عام 2007 . الإثراء غير المشروع رفع سقف التحقيقات مرة أخرى ليشمل التحقيق في «اثراء دحلان غير المبرر « وعلاقاته مع أجهزة المخابرات الغربية ، الأوروبية والأمريكية، ومتسوى علاقاته، خاصة وأنه حسب دبلوماسي عربي متابع لملف في القاهرة أكد انه التقى ومارجريت سكوبي السفيرة الامريكية فى القاهرة قبيل توجهه الى رام الله، لكن حسب المصدر « لم تفعل له شيئاً». اتهامات باغتيالات وأضيف الى لائحة الاتهام مسؤوليته عن عمليات اغتيال فى صفوف السلطة الفلسطينية وأجهزتها، ووردت أسماء فى عمليات اغتيال لشخصيات مثل اللواء موسى عرفات رئيس جهاز المخابرات العسكرية السابق عام 2005، وخليل الزبن مستشار الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات عام 2004، وهشام مكي منسق عام هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية عام 2001، وهنا عاد صوت دحلان مرة أخرى لينفي المسؤليه عن تلك الاغتيالات لكن فى نطاق إعلامى ضيق . وكان واضحا أن سقف الاتهامات كان يعلو بمجرد أن يلوح أنصار لدحلان بالتهديد لاثارة قلاقل. حماس مرتاحة على مستوى آخر تبدي حركة حماس ارتياحها لما حدث لدحلان، الذى يعتبر خصمها الأبرز فى فتح ، بل ان قيادات الحركة لم تسمح له بحضور مراسم العزاء فى والدته التى توفيت فى القطاع العام الماضي، على عكس أداء قيادات الحركة نفسها فى دمشقوغزة التي قدمت واجب العزاء فى شقيق ابو مازن قبل اسبوعين، بل إن القيادي فى حماس محمود الزهار اكتفى بالتعليق ل «اليوم» : إنه حتى لو دخل غزة ذات يوم فلن يتركه ذوو ضحاياه حياً»، وأن عليه «أن يدفع ثمن تلك الدماء أولاً». يذكر ان دحلان شغل منصب مستشار الأمن القومي لأبو مازن قبل سيطرة حركة حماس على قطاع غزة عام 2007، وقدم استقالته بعدها، وشغل دحلان كذلك منصب وزير الأمن الداخلي فى الحكومة الفلسطينية الأولى التى شكلها محمود عباس عام 2003 ، ومنصب مدير الأمن الوقائي فى قطاع غزة منذ تأسيس السلطة الفلسطينية عام 1994 وحتى عام 2003. ويتوقع أن يكون هناك سيناريو وحيد مرسوم لدحلان فى الوقت الراهن، عنوانه التخلى عن طموحات السلطة والاكتفاء بما حققه، حيث إنه وحسب مسؤولين فى الحركة نفسها يحتفظ بملفات لا بأس بها للدفاع عن نفسه وضد مسؤولين وقياديين فى الحركة تسمح له بفضح الكثير من عمليات الفساد داخل أروقة السلطة ، وهو ما جعله على حد قول السفير الفلسطينى السابق مكرم يونس أن يجري التحقيق داخل الحركة وليس عن طريق الجهاز القضائى الفلسطينى الذى فتح فى الآونة الأخيرة ملفات مشابهة، لكن حتى لو صمت دحلان فإن مشهد النهاية لم يكتب له بعد وأن دراما فضائح السلطة لم تنته بتلك القضية كما يضيف.