دهمت قوات الأمن الفلسطيني صباح امس منزل القيادي السابق في اللجنة المركزية لحركة «فتح» النائب محمد دحلان واعتقلت عدداً من حراسه وصادرت أسلحة. وفيما قالت مصادر امنية فلسطينية ان ملفه احيل على القضاء بتهمة الفساد، اوضحت اللجنة المركزية لحركة «فتح» التي يتزعمها الرئيس محمود عباس امس، ان سبب إقصاء دحلان من عضوية الحركة هو «تجاوزات تمس الأمن القومي الفلسطيني والثراء الفاحش والتآمر». وكانت محكمة «فتح» رفضت اول من امس طلب دحلان إلغاء قرار فصله من الحركة على خلفية تهم بالفساد، وقررت احالة ملفه على القضاء، الا ان دحلان اعلن من خلال بيان نشره اول من امس على موقع الكتروني فلسطيني، أنه سيتوجه الى امين سر «فتح» لمطالبة الحركة بالتحقيق معه وفق الاصول القانونية في التهم المنسوبة اليه. ويحظى دحلان بحصانة برلمانية كونه نائباً في المجلس التشريعي، ولا يمكن اعتقاله الا بعد رفع الحصانة عنه من جانب المجلس التشريعي المعطل بسبب الخلافات بين «فتح» و«حماس». دهم منزل دحلان وفي تفاصيل دهم منزل دحلان امس، قالت مصادر امنية فلسطينية ان «دحلان كان موجوداً في المنزل لحظة الدهم، الا انه لم يُمس وطُلب منه البقاء في غرفته، لكن تم اعتقال نحو عشرة من مرافقيه ومصادرة اسلحة واجهزة كمبيوتر واتصال». وقال شاهد يسكن بجوار المنزل: «سمعت أصواتاً كثيفة لتنظيف اسلحة، وأعتقد ان هذه الاسلحة كانت تصادر من منزل دحلان وكان يتم التأكد من خلوها من الرصاص». واضاف ان القوات الامنية أغلقت المنطقة المحيطة بالمنزل ومنعت احداً من المرور. من جهة أخرى، قال مسؤول أمني فلسطيني لوكالة «فرانس برس» إنه لدى اقتحام منزل دحلان «بادر اثنان من مرافقيه بإطلاق النار باتجاه القوة الامنية، وتمت السيطرة عليهما واعتقالهما». واوضح انه تم اعتقال نحو عشرة حراس من منزل دحلان ليسوا أعضاء في الاجهزة الامنية الفلسطينية. واضاف: «صودرت عشرون ألف طلقة رشاش خفيف من نوع كلاشنيكوف وام 16 وعوزي ومسدسات، كما صودرت 15 قطعة سلاح رشاش وثلاثة مسدسات جميعها غير مرخصة»، اضافة الى ثلاث سيارات مصفحة ضد الرصاص كانت بحوزة دحلان. بيان مركزية «فتح» واصدر الناطق باسم اللجنة المركزية ل «فتح» بياناً أمس جاء فيه: «في أعقاب قرار المحكمة الحركية برد الطعن المقدم من دحلان وبما يثبت قانونية قرار اللجنة المركزية بفصله من الحركة، تؤكد اللجنة المركزية أن قرارها إقصاءه ارتكز الى تجاوزات تمس الأمن القومي والاجتماعي الفلسطيني». واتهم البيان دحلان ب «الاستقواء بجهات خارجية وارتكاب جرائم قتل على مدار سنوات طويلة، وممارسات لاأخلاقية لم ينج منها وجيه ولا زعيم سياسي ولا رجل أعمال في قطاع غزة، وذلك باستخدام البلطجية وفرقة الموت». كما اتهمه ب «الثراء الفاحش نتيجة الكسب غير المشروع ونهب أموال» حكومية واستثمار «الجزء الأكبر لحسابه الخاص خارج الوطن». وساق البيان سبباً آخر هو «التآمر في محاولة لاحتلال إرادة الحركة كمقدمة لكسر الإرادة السياسية الوطنية التي لم ينج منها حتى الشهيد القائد ياسر عرفات». من جهة أخرى، قال عضو في اللجنة المركزية لوكالة «فرانس برس»، إن اللجنة «قررت تحويل الملف المالي والجنائي لدحلان على هيئة مكافحة الفساد والقضاء الفلسطيني من خلال النيابة العامة خلال الايام القليلة المقبلة»، فيما قال عضو آخر إن «المحكمة الحركية لحركة فتح قررت تأكيد قرار اللجنة المركزية للحركة بفصل دحلان من الحركة ومن عضوية المركزية». وأوضح ممثل اللجنة المركزية أمام المحكمة الحركية جمال محيسن للوكالة، أن قرار المحكمة الذي صدر الاربعاء تضمن «رد الطعن المقدم من دحلان لعدم استناده للنظام الداخلي». واضاف ان القرار تضمن ايضاً «التأكيد على قانونية القرار المتخذ في اللجنة المركزية بفصل دحلان». واشار الى ان «القرار اعطى فرصة اخيرة لدحلان بأن يتقدم بالتماس لرئيس الحركة بجاهزيته للامتثال امام لجنة التحقيق التي تشكلها اللجنة المركزية خلال اسبوعين من تاريخ القرار، وإلا يصبح القرار نافذاً قطعياً، ويعود الامر للجنة المركزية لاتخاذ القرار المناسب بهذا الخصوص». وكانت «فتح» اعلنت منتصف حزيران (يونيو) ان لجنتها المركزية قررت فصل دحلان وانهاء أي علاقة رسمية له بالحركة وتحويله للقضاء، وذلك بعدما قررت في كانون الاول (ديسمبر) الماضي تجميد عضويته بعد اتهامه ب «التحريض» على عباس والعمل ضده داخل مؤسسات الحركة حتى «انتهاء لجنة تحقيق من اعمالها». غزة وفي غزة، وصف القيادي في «فتح» في القطاع صلاح أبو ختلة، «اقتحامَ وتفتيشَ» منزل دحلان بأنه «مشين وفعل عصابات غير محكومة بشرائع وقيم انسانية». وقال ل «الحياة» ان ما جرى مع دحلان «عمل غير وطني ولا أخلاقي، ولا يستند الى أي إجراء قانوني أو شرعي، وإن دل على شيء فإنما يدل على انحدار القيم الوطنية الفلسطينية الأصيلة». واضاف ان هذا الاجراء «سبَّبَ صدمة لدى كوادر فتح في القطاع، في وقت اعطى قرار المحكمة (الحركية) (أول من) أمس مؤشرات طيبة الى حل هذه القضية وتسويتها في شكل يحقق وحدة الحركة، وتمتين الوضع الداخلي». ورأى أنه «يعبر عن حال الفشل العام، بدءاً من ملف المصالحة التي تم تجميدها وافشالها، وانتهاء بملف المفاوضات، مروراً بحال الفساد التي تمر بها السلطة الفلسطينية في رام الله». واعتبر أن «هذه الممارسات أوجدت المبرر للاحتلال لاقتحام منازل النواب في الضفة واستباحة الحرمات الفلسطينية». وقال إن «اقتحام المنزل بعد يوم من إصدار قرار المحكمة الحركية بإعادة القضية الى ما قبل صدور قرار اللجنة المركزية للحركة بفصل دحلان، أربك البعض وفتح أمامه باب التأويلات المستندة الى ضغائن وأحقاد خفية، مارسوا من خلالها اجراءات لا تليق بالقضاء الفلسطيني النزيه، ولا بأخلاق حركة فتح». وأضاف أن «التزام دحلان وعودته الى رام الله مسلحاً بكل ما ينفي ما يشاع حوله، أربك الذين يتصيدون له في المياه العكرة ويحاولون تحريف قرار المحكمة الحركية كي يُستخدم ضده، على رغم أن القرار جاء عادلاً ونزيهاً ويحتاج الى صدق انتماء لحركة فتح وتفسير صادق لبنوده». دحلان في سطور انتخب محمد دحلان (49 عاماً) عضواً في اللجنة المركزية لحركة «فتح» في مؤتمرها العام السادس الذي عقد في آب (اغسطس) عام 2009 في بيت لحم، بعدما شغل منصب مفوض الاعلام والثقافة فيها. وكان دحلان شغل منصب مستشار الأمن القومي للرئيس محمود عباس قبل سيطرة حركة «حماس» على قطاع غزة عام 2007، واستقال مباشرة بعد ذلك. كما شغل منصب وزير الامن الداخلي في الحكومة الفلسطينية الاولى التي شكلها عباس عام 2003، ومنصب مدير الامن الوقائي في قطاع غزة منذ تأسيس السلطة الفلسطينية عام 1994 الى عام 2003. وهو عضو منتخب في المجلس التشريعي الفلسطيني عام 2006 عن دائرة خان يونس مسقط رأسه في قطاع غزة، وتولى رئاسة لجنة الداخلية والامن في المجلس التشريعي. ويتحدث دحلان العبرية بطلاقة اذ تعلمها في السجن، كما شارك في مفاوضات سلام مع اسرائيل. ولد دحلان عام 1961، واعتقل في السجون الاسرائيلية مرات عدة بين 1981 و1986، ثم طرد الى الاردن عام 1988. انضم الى منظمة التحرير الفلسطينية في المنفى في تونس حيث نال ثقة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. بعد توقيع اتفاقات اوسلو عام 1993 وقيام السلطة الفلسطينية، عاد الى غزة وتسلم الامن الوقائي الذي كانت إحدى مهماته منع الناشطين الفلسطينيين من القيام بعمليات قد تؤدي الى عرقلة عملية السلام.