تناقش الجامعة العربية اليوم الأزمة في سوريا. ولا يبدو أن نظام الأسد قد أعطى أية فرصة للجامعة العربية كي تتفادى موقفاً صارماً. على الرغم من أن موقفاً حازماً من الجامعة العربية أمر مشكوك فيه. وكان يمكن لنظام الأسد أن يوفر على سوريا وعلى الأمة العربية المتاعب، لو أنه بدأ التطبيق الفعلي لما تعهد هو به. وتقول المعارضة السورية إن النظام لا ينوى إجراء تغييرات ولا يعرف سوى استخدام القوة للحوار مع مواطنيه. وكان يمكن افتراض أن المعارضة السورية تتحدث بلهجة مناوئة للنظام مثل أية معارضة أخرى، لو لم تمض شهور طوال والنظام لا يستطيع سوى أن يسفك الدماء في شوارع المدن السورية ويزج بالمئات في السجون والمعتقلات، حتى أنه، طبقاً لمعارضين، قد حول مدارس إلى معتقلات بدلاً من أن تكون صفوفا دراسية. والاستمرار بهذه السياسة المدمرة لن يوصل سوى إلى نتيجة مدمرة، لأن المواطنين السوريين قد خرجوا ينشدون التغيير، ووعد مسئولو النظام بالتغيير، ولكن المفاجأة أن النظام يتحدث عن التغيير وديمقراطية لن يشهد العالم لها مثيلا، في وقت تحاصر الدبابات المدن، ويقتل الناس بالشوارع، ويختطف الجرحى من مستشفياتهم، ويعتقل الطلاب في مدارس والمصلون في مساجدهم. مما جعل أي كلام عن التغيير لا قيمة له الآن. وقد وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز نصيحة إلى القيادة السورية في بداية اغسطس الماضي، أي قبل ثلاثة شهور، أن تجري التغييرات الضرورية وأن تلبي مطالب مواطنيها، وان توقف مشروع الترويع الدموي. ولو أن قادة سوريا استجابوا لهذه النصيحة المخلصة لكانت سوريا الآن قد عبرت بهم وبمواطنيها إلى بر الأمان والسلام والغد الجديد. لكن يبدو أن النظام أرهف السمع إلى نصائح آخرين يعلمون أن التغيير وتلبية حقوق المواطن السوري في وطنه يمثلان انهياراً شاملاً لمشروعاتهم التي خططوا لها على أساس أن النظام مستمر ومخلد، وأنه محصن من رياح الربيع العربي. وكان على الزعامة السورية ألا تستمع إلى النصائح التي تحاول حماية مصالحها بأي ثمن، ولا إلى الذين يعلمون أن التغيير سوف يطيح بهيباتهم ومناصبهم ومصالحهم، وإنما كان عليها أن تستمع إلى النصائح التي تأخذ بيد سوريا إلى بر الأمان. خاصة أن كل التحليلات تشير إلى أن السوريين قد تخطوا نقطة اللا عودة عن مطالبهم، بعد أن كسروا حاجز الخوف، على الرغم من قسوة آلة القتل التي تعمل في أجسادهم، وآلة التخريب التي تدمر مدناً مثل حمص وتحرق المنازل في مدن سورية كثيرة. ولا يوجد أي حل سوى أن تعترف الزعامة السورية بالحقيقة، وهي أن مواصلة العمل بحل آلة القتل ليس عملاً يؤدي إلى أي نتيجة مفيدة لا للنظام ولا للناس. والحل هو البدء بإصلاحات فورية، حتى وإن كانت متأخرة، فإنها هي الحل الوحيد لوقف نزيف الدم في سوريا.