التجمعات المتلاحقة والاعتصامات المتتالية لجماهير الشعب المصري تطرح أسئلة عديدة حول الأهداف التي يمكن أن تصل إليها الجماهير التي تتظاهر كل يوم في لحظات غضب بعضها يتحول إلى عنف قد يتطور مع مرور الأيام واستمرار الظاهرة إلى كابوس أمني يهدد استقرار مصر. الحشود الغاضبة التي اجتاحت السفارة الإسرائيلية تعبر عن مدى الاحتقان والطريق المسدود لجماهير لم تجد صدى لصراخها منذ أن تم خلع الرئيس المصري السابق حسني مبارك في ظل شلل تام من قبل المجلس العسكري والحكومة في القيام بمبادرات ذات شأن تزيد من طمأنة الشارع وتعطي أملا لجماهير مازالت تحتل الشارع وترفض أن تغادره. ما يحدث في مصر هو غياب للدولة المصرية فالأمن منفلت والفساد مازال على حاله والبيروقراطية مازالت تلف حبالها على رقاب المصريين وعجلة التنمية متوقفة. فوضى عارمة لا تخطئها العين في عاصمة مصر فالأحزاب السياسية تقف متفرجة أو مشلولة غير قادرة على المبادرة واقتراح الحلول المناسبة للخروج من الأزمة الطاحنة بل إن الأحزاب من حركات إسلامية وقومية ويسارية وشباب الثورة يغذون الفوضى من خلال المتعصبين والمتطرفين المندسين في اوساطهم ويقودون الجماهير إلى الصدام مع أجهزة الأمن لأهداف غير معروفة وليس أمام هذه الحركات والأحزاب سوى أن تقصي المتطرفين من صفوفها وان تمنعهم من أن يقودوا الجماهير إلى مواجهات تثير الفوضى في بلادهم وكأن هدفهم هو خلق حالة من الفراغ السياسي والأمني لإجهاض ثورة مصر والعودة إلى الوراء. من غير إقصاء المتطرفين في صفوف الثوار والأحزاب لن تنعم مصر بالهدوء والاستقرار ولن تكون هناك مشاريع تنموية تخرج مصر من أزمتها الاقتصادية. إن استعادة الدولة أول المطالب التي من المفترض أن يحرص عليها الشعب المصري فبدون مؤسسات دولة وفرض هيبة القانون على الجميع لن تتقدم مصر خطوة واحدة إلى الأمام ودائما يبقى بناء ما بعد الثورة هو الأهم في حياة الأمم الثائرة. نتمنى أن تخرج مصر من أزمتها وأن تعي جماهيرها الحدود بين الفوضى وبين تماسك الوطن والدولة وأن تعي الأحزاب والحركات التي شاركت في إسقاط النظام القديم أن البديل هو بناء مستقبل مليء بالإنجازات ومواجهة تحديات الحاضر عبر فتح نوافذ المستقبل وعدم الوقوف عند حدود الفوضى والاستسلام للمتطرفين الذين يقفون حجر عثرة أمام دولة يسودها القانون وتنعم بقيم الحرية والديمقراطية والرفاه..