في حياتنا الكثير من الأضداد والمتشابهات التي تمنحنا القدرة على التقدير والمقارنة، ما لا نحس بحقيقته منفردا يتكشف لنا مقترنا بشبيهه، أحيانا لا نحس بمرارة الغدر إلا ونحن نتلقى صادق الوفاء، كما لا نحس بقيمة الشجاعة إلا برؤية من أقعده جبنه عن تحصيل بعض حقوقه، كما لا نعرف اللؤم والبخل إلا بمعايشتنا للمروءة والكرم، وعند الحديث عن البنوك ودورها الإيجابي المفترض في المجتمع فنحن بإزاء بنوك خلاقة يمكن تجاوزا أن نسميها بنوك حاتم الطائي، وأخرى شحيحة ، تستفيد من مجتمعها ولا تفيده، وتستغل التسهيلات المقدمة لها في تعسير خدماتها لعملائها، وتعمل على استغلال حاجة البسطاء والمحتاجين للإيقاع بهم في حبائل قروضها الخادعة، فإذا ما تعثروا طحنتهم بقسوة، كما فعلت بمستثمري الأسهم وأمثالهم من ضحايا قروضها المجنونة ! بنوك حاتم الطائي كثيرة ولكن ليس من بنوكنا المحلية ما يمكن إدراجه ضمنها، فروعها أيضا كثيرة وموجودة في أماكن كثيرة، لكنها وبكل أسف خارج الحدود، ما أعنيه بنوك حقيقية، تفيد وتستفيد، وتأخذ وتعطي، وتسهم في التنمية الاجتماعية والفردية ؟! أحد هذه البنوك عرفني بنفسه في أحد المولات الكبرى بدولة قطر، قال لي عبر لافتة كبيرة: اقرأ، فقلت ما أنا بقارئ ! لماذا أزعج نفسي وأستحضر الهم وأنا في رحلة استجمام، كنت وقتها ولا أزال على قناعة بأن بنوكنا الأسوأ في المنطقة، فأعرضت طلبا لراحة البال، وعند مصعد آخر ألفيت لافتة أين بنوكنا المادرية من هذه البنوك الحاتمية؟! (مادر أبخل العرب) بنوكنا تتجر بأموالنا ولا تعطينا شيئا، ولو فكر أحدنا أن يستثمر أمواله في صناديقها فلن يناله منها إلا الفتات، ولو أودع أمواله فيها لعشر أو لخمس عشرة سنة وربما لربع قرنأخرى تترصدني، وتقول: حول راتبك الشهري إلينا واحصل على عشرة رواتب قرضا بلا فوائد ! فأين بنوكنا المادرية من هذه البنوك الحاتمية (مادر أبخل العرب) بنوكنا تتجر بأموالنا ولا تعطينا شيئا، ولو فكر أحدنا أن يستثمر أمواله في صناديقها فلن يناله منها إلا الفتات، ولو أودع أمواله فيها لعشر أو لخمس عشرة سنة وربما لربع قرن... وأراد قرضا بلا فوائد ولو لخمسة أضعاف راتبه لم يعطوه ريالا بلا ثمن، أرباحهم بلا حدود لأن تطلعائهم بلا حدود، وخدماتهم رديئة لأن تعاملهم مع عملائهم رديء، خذ على سبيل المثال تلك السيدة التي صفرت رصيدها بأحد البنوك لأكثر من عشر سنوات، وحين جاءها مبلغ جيد فكرت أن تفتح حسابا في ذلك البنك، ولدى عمل الإجراءات اكتشفت الموظفة أن لديها حسابا قديما فعملت على تنشيطه، وبدلا من تقديم أي خدمة احتفائية بعودة الطائر المهاجر إلى قفصه عمدت إلى معاقبتها بخصم 75 ريالا قيمة بطاقة صراف إلكتروني جديدة ! [email protected]