آيل للمكوث، لا للسقوط، أنت يا حاتم الطائي، لكنه البخل، ظل متربصا بك، ألف سنة، وأكثر، ليقتص، فهو لم ينس، وكيف له نسيان، ما فعلته به، أيها الشهم الشجاع الكريم، وأفدح أشكال البخل، بخل العقل، والمخيلة، وأقبح أنواع الشح، شح الحكمة، والتدبر، والعمى، عمى البصيرة، ولا أظنه إلا البخل، والشح، والعمى، والجهل، أراد بك سوءا، فدبّر أمرا بليل، غير ليلك، الذي كنت تدبر ظلمائه، بإشعال نار، تدل الضيف على منزل الكريم، وتبشر به غلامك، أنه حر، إن قادت ناره المشتعلة، ضيفا، منك، يا حاتم الطائي، أقرأ لك، اعتذارا، مثل وجهك حيي، وإن لم يكن له مثل فعلك، صهيل : أوقد فإن الليل ليل قر والريح يا موقد ريح صر عسى يرى نارك من يمر إن جلبت ضيفا فأنت حر وهل للسبايا، مثلك يا حاتم، ومن سبقك إلى جعل السبي، إكراما، وهو مهانة في أصله، وهل تمنت سبية، عرفت أن الله كتب عليها السبي، وقدره لها، إلا سبيا كسبيك: وما أنكحونا طائعين بناتهم ولكن خطبناها بأسيافنا قسرا فما زادها فينا السباء مذلة ولا كلفت خبزا، ولا طبخت قدرا ولكن خلطناها بخير نسائنا فجاءت بهم بيضا، وجوههم زهرا ومن كان هذا فعله، في سبيته، فلا يستغرب منه، تفجر كل ينابيع الشهامة، والإباء، والعفة، والطهر، مع جارته : أشاور نفس الجود حتى تطيعني وأترك نفس البخل لا أستشيرها وليس على ناري حجاب يكنها لمستوبص ليلا، ولكن أنيرها وما تشتكيني جارتي، غير أنني إذا غاب عنها بعلها لا أزورها أو تدفع اليوم، ثمن جريرتك، في جاهلية، لم يبعث بها الله خاتم أنبيائه بعد، فلم تكن عبدا فيها لغير ضيفك، حبا في مكارم الخلق ؟، يا لشرف التهمة، ويا لصفاقة الحكم : إذا ما صنعت الزاد فالتمسي له أكيلا، فإني لست آكله وحدي وإني لعبد الضيف ما دام ثاويا وما في إلا تلك من شيم العبد والله، يا طائي، وأقسم، أنه ما طمع طامع في تنحيتك عن موقع السيادة اللائق فيك بيننا اليوم، إلا لأنه يئس بموتك، من مد يده لك، فلا تقدر أن تعطيه، أو تجيب سؤاله، ولو كنت حيا بيننا، وعندك صرة دراهم، لأتوك ثقالا، وخفافا، يرجون، فيعطون، لكنك أذهبت مالك، قبل ذهابك : يقولون لي أهلكت مالك، فاقتصد وما كنت لولا ما يقولون سيدا فيا للمعاني الحاتمية، التي يراد له الوأد : وإني لعف الفقر، مشترك الغنى وودك شكل لا يوافقه شكلي وأجعل مالي دون عرضي جنة لنفسي، فاستغني بما كان من فضلي *** وليل بهيم، قد تسربلت هوله إذا الليل بالنكس الجبان تجهما ولن يكسب الصعلوك حمدا ولا غنى إذا هو لم يركب من الأمر معظما لحى الله صعلوكا مناه وهمه من العيش أن يلقى لبوسا ومطعما ينام الضحى حتى إذا نومه استوى تنبه مثلوج الفؤاد مورما ولله صعلوك يساور همه ويمضي على الأحداث والدهر مقدما فنفسك أكرمها، فإنك إن تهن عليك، فلن تلفي لك الدهر مكرما