الحديث عن «الأمن الثقافي» ومجابهة الآخر ثقافيا عبر مشروع ثقافي عربي أمر هام، وقضية تستلزم التفكير الدقيق والإعداد الجيد والحوار الذي لا يقطعه التشنج والقصور الفكري والنعرة الإقليمية الضيقة، فنحن في دائرة واحدة. لا احد يستطيع أن يجعلنا خارج لعبة الثقافة العالمية والنظام العالمي قديمه أو جديده، لنا ثقافتنا وإبداعنا ومفكرونا، ولكن هل هذا يكفي لنتبوأ مكانا في العالم الجديد ليكون لنا دور فاعل؟ الإجابة واضحة ومتفق عليها. لدينا مؤسسات ثقافية عديدة وحاضرة (في الرسميات) ولكنها غائبة الفاعلية والدور، كان يمكن لها أن تشكل نواة لنظام ثقافي عربي، ولكنها أضحت شكلا جميلا فقط، قاصرا عن دوره ومتجاهلا القاعدة العريضة صاحبة الحق، والمنوطة بالخطاب الثقافي، فكيف يتسنى لنا أن نطوي عهود الشعارات البراقة لنتجه إلى دائرة الفعل لمواجهة الخطر المحدق بنا من كل صوب؟!. الحديث عن «الأمن الثقافي» ومجابهة الآخر ثقافيا عبر مشروع ثقافي عربي أمر هام، وقضية تستلزم التفكير الدقيق والإعداد الجيد والحوار الذي لا يقطعه التشنج والقصور الفكري والنعرة الإقليمية الضيقة، فنحن في دائرة واحدة، المثقف لن يخون قضيته لصالح الآخر، فكيف نفكر في غير ذلك؟ إن مستقبل الثقافة العربية مسألة هامة وضرورية وصعبة وتتطلب الإجابة عن أسئلة كثيرة لعل أولها: من هو المثقف العربي المنوط بحمل رسالة الثقافة؟ وما دوره؟ وما المساحة المتاحة له للتعبير؟ إن الإجابة عن هذه الأسئلة تستوجب بالتأكيد تعريف الثقافة العربية والإجابة أيضا عن أسئلتها الراهنة واستقراء ملامح المستقبل دونما تجاهل للعالم الذي يحيط بنا، وما يسمونه بالنظام الدولي الجديد، ولنا في مجال البحث عن مستقبل للثقافة العربية أن نعي جيدا أن الإنسان هو الذي يتوخاه الخطاب الثقافي، والذي سيتوجه اليه بفاعليته، والذي سيشكل باستنارته لبنة هامة في بناء المستقبل العربي، فكيف لنا أن نجابه دون أن تكون لدينا القدرة على المجابهة، ودون أن يكتمل البناء الداخلي حتى يصمد ويدافع خاصة ونحن نرى الجديد في تفجير الصراعات في العالم، والمواجهة بين القوميات والعرقيات. إننا يجب أن نضطلع بدورنا ويكون دور المثقف هو التوعية والتبصير والحوار مع الآخر، إضافة إلى الإبداع القادر على تجسيد آلامنا وآمالنا . تلك ملامح أولية لا تجيب ولا تطرح الحلول ولا تقدم رؤية لمستقبل الثقافة العربية ولا تطمح سوى في طرح الأسئلة والمعرفة تبدأ دائما بالسؤال.