العملية العقارية من أوجه النشاط الاستثماري المتكامل الذي تعمل فيه عدة جهات بنظام «هارموني» أو بإيقاع منتظم، أي أن أكثر من جهة تمارس نوعا من الشراكة التلقائية في العمل العقاري حتى وإن لم تقصد ذلك، ولكن مجرد التنسيق والعمل من أجل تنويع الاستثمارات وتغطية الاحتياجات الاستثمارية يفرض حدا أدنى من العلاقة المتجانسة بين الجهات العقارية أو ذات الصلة بالعقار كل بحسب دوره وفقا لنسبة وتناسب. والآن وبلادنا تستشرف طفرة سكنية من واقع الأوامر الملكية الأخيرة وإنشاء وزارة الإسكان، فنحن في الواقع أمام منظور مستقبلي لحل أزمة الإسكان والتي تتطلب نوعا من الشراكة الذكية والاستراتيجية بين الوزارة القديمة الجديدة والمطورين العقاريين. وبداهة لا بد من التفكير في تطوير العلاقة بين الطرفين، فوزارة الإسكان لن تتوقف عند تنفيذ المشروعات التي أقرتها الأوامر الملكية، فالتنمية لا تتوقف، وما كان مطلوبا قبل خمسة أعوام يتضاعف بعد عشرة وهكذا تجد الوزارة والمطورين العقاريين أنفسهم في حالة تناسب طردي مع مجريات العملية التنموية والنمو السكاني وبالتالي الحاجة الى مساكن كمية أو نوعية تناسب الشرائح الاجتماعية المختلفة. لا بد من النظر الى إنشاء كيان تنسيقي بين الوزارة والمطورين يمنحهما صيغا نظامية تعزز شراكتهما من أجل تحقيق هدف واحد وهو توفير المساكن لكل المواطنين. تطوير الشراكة بين وزارة الإسكان والمطورين العقاريين تتطلب بداية وجود كيان على شاكلة هيئة أو جهة تنسيقية لقياس مؤشرات الواقع بحرفية ومنهج علمي يمنح الطرفين خيارات واسعة ومرنة في التعاطي العقاري، فهذه الشراكة تكتسب قيمتها من واقع الحاجة الماسة والقوية لتطوير أدوات الواقع وتمليك المواطنين مساكنهم بناء على معطيات واقعية لا تزايد عليهم فيها أي جهات خارج النظام التنسيقي بين الطرفين، وذلك يجعلنا جميعا أمام معروض عقاري كبير ينهي كثيرا من الاختناقات السكنية ويفك تشابك خيوط الأزمة السكنية حاضرا ومستقبلا. ولا بد من النظر الى أن تلك الشراكة تقوم بين أهم طرفين في المعادلة العقارية الحالية، فوزارة الإسكان مطالبة بنتائج حاسمة ومواكبة للطلب العقاري المتزايد، ولديها أذرعها بوصفها جهة تنفيذية تم إنشاؤها بهدف حيوي وهو توفير المساكن للمواطنين، وذلك يتطلب العمل مع جهات أخرى عاملة في القطاع العقاري لأن الواقع الحالي ينفتح بأكبر من خيارات الوزارة وهي تمثل القطاع العام فيما يبرز دور المطورين كلاعبين مؤثرين يمثلون القطاع الخاص، ولهم نشاطهم الأصيل في توفير المساكن والأراضي المخدومة بغرض النفع منها لأي نشاط أو حاجة عقارية، ولذلك لا بد من النظر الى إنشاء كيان تنسيقي بين الوزارة والمطورين يمنحهما صيغا نظامية تعزز شراكتهما من أجل تحقيق هدف واحد وهو توفير المساكن لكل المواطنين.