العالم لن يقف مكتوف اليد أمام سيل الدماء المهدرة والمذابح الجماعية في سوريا وعلى النظام هناك أن يستمع لصوت العقل، ويفهم أن النصيحة مهما كانت قاسية، إلا أنها مخلصة، فما بالنا وهذه النصيحة تصدر من رجل بحجم وحكمة عبدالله بن عبدالعزيز بالأمس، كان خادم الحرمين الشريفين، يوضح الموقف السعودي، وينحاز كعادته إلى جانب الأبرياء والضعفاء في وجه القوة.. هكذا كانت المملكة دوماً، وهكذا كان عبدالله بن عبدالعزيز بالذات. ولأن ما يحدث في سوريا الشقيقة، لا يمكن القبول به أبداً، وأن الحدث أكبر «من أن تبرره الأسباب».. كما قال الملك، لذا كان التحذير السعودي ورسالته واضحة جدا، ليس بقرار سحب السفير السعودي من دمشق فقط، لكن بنصح القيادة السورية بأن مستقبل سوريا بين خيارين «إما الحكمة أو الفوضى». هذا الموقف السعودي، يبعث رسالة مهمة للأشقاء في سوريا انطلاقاً من مسؤوليتها التاريخية وأمانتها الأخلاقية، مفادها أنه يجب فوراً إيقاف آلة القتل وإراقة الدماء، التي نراها تهدر علنا وبهذا الشكل المؤلم، مع تفعيل نظام إصلاحات شاملة. الحقيقة المؤلمة، والتي يتعامى عنها البعض، أنهم لا يستطيعون البدء في أي إصلاح وأن البعض يتشدقون فقط بالكلام، فيما ينشر الرعب بشكل يومي، دون أدنى اعتبار لقيمة المواطن السوري، ودون سماع لصوته وحقه في الحرية والعدالة والتغيير. التحذير السعودي أيضاً، وعلى لسان خادم الحرمين الشريفين، يبعث رسالة إنقاذ للنظام السوري لوقف المجازر والاستماع لصوت شعبه، ذلك أنه لا يخفى على أحد، أن هناك ترتيبات دولية يجري اعتمادها حالياً ضد نظام الأسد، وهذه الرسالة أو الموقف، محاولة سعودية لإنقاذ الموقف، وحث السوريين على بدء تفاهم لا يتجاهل كل الشعب السوري. الموقف السعودي أيضاً، وبهذه اللهجة، هو أوضح موقف عربي لما يحدث في سوريا، وضد فرض الحلول الأمنية بالقوة على الأرض، ذلك أن لا عاقل ينكر أن ما يحدث في سوريا، وبهذه الطريقة، مؤلم جداً، رغم كل محاولات تصوير الوضع على أنه مؤامرة، جرى تضخيمها وتصديقها.. ومحاولة تصديرها لعقول توهمتها للأسف وسوقت لها بعدم وعي. لغة الملك القائد، في بيانه لم تنس تحذير سوريا، من توهم أن المملكة تتدخل في شأن داخلي، ولكنه بالمقابل ذكر السوريين أيضاً بمواقف المملكة معها في الماضي، ودعمها لهم في كل الأحداث التي تعرضوا لها، وإذا كانت المملكة تقف هذا الموقف اليوم، فإنه امتداد لمواقف ومسؤوليات تاريخية لا تحتمل المزايدة فالمملكة بهذا التحذير، قد أبرت ذمتها، وأوضحت للعالم العربي والإسلامي والدولي، أن لا مواقف شخصية، كما يحاول البعض تصوير ذلك، وعلى النظام في سوريا تجنب خسارة مزيد من الأصدقاء والأشقاء، لأن العالم لن يقف مكتوف اليد أمام سيل الدماء المهدرة والمذابح الجماعية في سوريا وعلى النظام هناك أن يستمع لصوت العقل، ويفهم أن النصيحة مهما كانت قاسية، إلا أنها مخلصة، فما بالنا وهذه النصيحة تصدر من رجل بحجم وحكمة عبدالله بن عبدالعزيز، لا غرض من ورائها ولا مصلحة، نصيحة نأمل أن تصل للأشقاء في سوريا، ويسمعوا لها بكل صدق، وقبل فوات الأوان.