بادئ ذي بدء استغرب من شركة سعودية تنتمي لدولة مسلمة مثل أرامكو السعودية عدم مراعاتها راحة موظفيها في شهر رمضان، وذلك لأن نمط العبادة والنوم والأكل فيه يختلف عنه في الأشهر الأخرى ما يشير إلى ضرورة تكيف توقيت وعدد ساعات العمل مع حاجة الجسم الوظيفية والنفسية للراحة والعبادة. من هذا المنطلق خفضت الحكومة وشركات القطاع الخاص ساعات العمل في رمضان مراعاةً للصائمين الذين لا يستطيعون بذل نفس الجهد الذي يبذلونه في الشهور الأخرى، بل قامت بتأخير ساعات العمل المبكرة إلى ساعات عمل متأخرة لأن الموظف الصائم بحاجة لقسط كبير من الراحة بعد وجبة السحور التي بارك الله فيها ورسوله. وليس مستغرباً على الكثير من الشركات العالمية النظر باعتبارات إنسانية إلى المسلمين الذين يعملون فيها، بحيث يعملون في أوقات مرنة خلال شهر رمضان إن إعادة جدولة العمل لساعة متأخرة من النهار تنسجم مع فسيولوجية وسيكولوجية الجسم حسب ما أشارت إليه دراسات عديدة في هذه الناحية، بل توصلت تلك الدراسات إلى علاقة قوية بين العمل في ساعات متأخرة من النهار وإنتاجية الموظف لأن الجسم أخذ قسطاً كبيراً من الراحة، خاصة في الوظائف التي تحتاج إلى التركيز والدقة. وقد أشارت دراسة يابانية إلى ما تقوم به بعض الشركات اليابانية من فترات استراحة خلال ساعات العمل لزيادة إنتاجية الموظف، لذلك سيكون الموظف الصائم أكثر حاجة لتقصير ساعات العمل وتأخيرها إلى ساعة متأخرة من النهار. وليس مستغرباً على الكثير من الشركات العالمية النظر باعتبارات إنسانية إلى المسلمين الذين يعملون فيها، بحيث يعملون في أوقات مرنة خلال شهر رمضان، بل سمحت لهم معظم هذه الشركات بأداء صلاة الجمعة وتعويضهم لها بالعمل بطريقة مرنة في عطلة الأسبوع أو حسب ما يرونه من أوقات مناسبة ومنتجة للشركة. إن الاستجابة لحاجة الموظفين في شركة أرامكو السعودية بالعمل الساعة العاشرة صباحاً لمدة ست ساعات سيكون له نتائج إيجابية على الإنتاجية عندما يشعرون بتلبية الشركة لرغبتهم للعمل في ساعة متأخرة من النهار بعد أخذ الراحة اللازمة والنوم. وإن بناء الثقة بين الشركة والموظفين ينمو ويرسخ بالممارسات الإنسانية للإدارة التي تلبي احتياجاتهم المختلفة، خاصة في شهر رمضان المبارك الذي يكثر فيه التقرب إلى الله بالتهجد والتراويح والقيام وتناول السحور في وقته. وقبل هذا وذاك يجب أن تتفهم الإدارة العليا بشركة أرامكو السعودية أنها تمارس العمل في بيئة إسلامية، لذا فإن ممارستها للإدارة الإنسانية يقرب الموظفين منها ويزيد الإنتاجية. وقد يفسح للموظفين المجال في اختيار الوقت المناسب بين العمل ابتداءً من الساعة السابعة أو الساعة العاشرة لست ساعات، خاصة في الوظائف التي تتمتع بمرونة الوقت. وهذا المطلب الإنساني سيكسب الشركة التزام الموظفين وولاءهم وثقتهم وتفانيهم إذا أخذته الإدارة العليا لشركة أرامكو السعودية في الاعتبار. أما الوظائف التي تتطلب العمل ابتداءً من الساعة السابعة صباحاً فهذا شيء آخر يمكن التعامل معه، بحيث لا يؤدي إلى تأثير سلبي على الإنتاجية، فلدى الشركة الخبرة الكافية في إدارة هذا الشأن.