أرجع عقاريون الارتفاع الحاد الذي تشهده أسعار شقق التمليك الى المضاربات التي تشهدها السوق، ووصفوها بالممارسات السلبية التي تجاوزت الأعراف العقارية والتجارية. وقالوا إن السوق تعاني من سيطرة الوافدين الذين يعملون في المكاتب العقارية على سوق بيع شقق التمليك التي تجاوزت أسعارها نصف مليون ريال للشقة الواحدة، مشيرين الى ان غياب الرقابة دفع كثيراً من السماسرة الى رفع الأسعار الى مستويات خيالية تفوق القيم الحقيقية بكثير مع استغلال حاجة المواطنين لشراء مساكن. ودعوا الى تفعيل الرقابة على السوق العقارية من أجل كبح جماح المضاربين، مؤكدين ان تسعير الوحدات السكنية ينبغي أن يخضع لمعايير وضوابط التثمين العقاري باعتباره جزءاً من مبادئ السوق بمعزل عن تأثير المضاربات. ويؤكد محمد ياسين ابو خمسين عضو اللجنة العقارية في غرفة الشرقية أن المضاربات أوجدت حالة من العشوائية في مجال بيع الشقق المنتهية بالتمليك، وقال: «إذا كان ذلك السلوك تسبب في انهيار سوق العقارات الأمريكية فإنه ينذر بالخطر لدينا، فالمضاربات في الغالب تميل الى العشوائية والخروج عن ضوابط النظام وذلك يعني أن هناك شيئاً خطأ». وأضاف أبو خمسين: «ان اسعار الشقق المنتهية بالتمليك معيارية بحسب الموقع والجودة، والمغالاة في أسعارها تكون واضحة، ولكن يتم استغلال المستهلك وحاجته للوحدة السكنية التي يرغبها، كما تلعب المكاتب العقارية الدور الأكبر في تعزيز هذه العشوائية وممارسة السلوكيات الضارة بقيمة وسمعة السوق العقاري، وسبق أن دعا العقاريون الى ضبط نشاطها ولكن لم يحدث شيء، ووصولهم الى هذا الحدِّ من الممارسة السلبية خطر على المستقبل العقاري». فيما يشير طارق با سويد عضو اللجنة العقارية في غرفة الشرقية الى أن المضاربات أوجدت واقعاً مختلاً في بيع الشقق المنتهية بالتمليك، الأمر الذي يؤكد أهمية اتخاذ إجراءات حاسمة لوضع حدٍّ لهذا الوضع غير الصحي، فمثل هذه الممارسات سبق أن تضررت منها اقتصاديات أكبر دول العالم ويجب أخذ الدرس من ذلك وتجنب مثل هذه السلوكيات العشوائية وليس ممارستها في السوق المحلية. واضاف باسويد: «الشقق المنتهية بالتمليك من أكثر الوحدات السكنية التي يقبل على شرائها المستهلكون وقد استغل المضاربون ذلك ورفعوا أسعارها في بعض الأحيان نحو200 بالمائة وربما أكثر، وذلك استغلالاً لاختلال معادلة العرض والطلب، فالمواطنون بحاجة الى هذه الشقق والمضاربون يزعمون توفيرها ولكن وفقاً لشروطهم، وبما أن السوق حر، فأمام المستهلك الضحية إما أن يدفع أو لا يدفع، وأمام ضغط حاجته يدفع رغم معرفته أنه مستغل ولا توجد جهة رقابية تمنع هذا الاستغلال». الشقق المنتهية بالتمليك من أكثر الوحدات السكنية التي يقبل على شرائها المستهلكون وقد استغل المضاربون ذلك ورفعوا أسعارها في بعض الأحيان نحو200 بالمائة وربما أكثر، وذلك استغلالاً لاختلال معادلة العرض والطلب.واستطرد قائلاً: «نحتاج الى آليات تضبط نشاط المضاربين والمكاتب العقارية وتفعيل معايير التثمين العقارية في جميع العمليات البيعية بحيث تكون هناك مرجعية استشارية ملزمة لطرفي عملية البيع تضبط العملية وتمنع الاستغلال والمضاربات لأنها بوضعها الراهن تهدِّد مستقبل السوق العقاري وتعزز العشوائية فيه». فيما يرى رجل الأعمال عبد الهادي الحصان أن المضاربات التي تتم في الشقق المنتهية بالتمليك وصلت بها الى أرقام خيالية وغير منطقية وبعيدة تماما عن واقع التثمين الفعلي، وذلك يتطلب تحرُّك الجهات العقارية حتى لا يفرز ذلك واقعاً سلبياً يؤثر على السوق في الفترة المقبلة. وقال الحصان: «ينفذ هذه المضاربات وافدون في المكاتب العقارية دون أدنى فكرة عقارية عن الوحدات السكنية وأصول تقييمها، وذلك يتطلب مجهوداً منهم لتضليل وخداع المستهلك حتى إيقاعه في مصيدة الشراء لوحدة كان يمكن أن يشتريها بأقل كثيراً مما دفعه من أجل امتلاكها، وذلك يؤثر سلباً من خلال إنشاء سوق هامشي موازٍ وسلبي لا يتقيَّد بضوابط النظام العقاري وتطبيق المعايير الأخلاقية في النشاط بحيث يكون أمام السوق الفرصة لتقديم نفسه للمستهلك بصورة أخلاقية مقنعة ومقبولة». وأضاف: «يتضرر السوق في الواقع كثيراً من ممارسة المكاتب العقارية لنشاط عشوائي وسلبي، يتضرر منه القطاع العقاري بأكمله، وهذه المضاربات بلا شك تخدع المستهلكين وتفقدهم ثقتهم في السوق على المديين القصير والطويل». ولا يبدو سوق التأجير افضل حالاً من التمليك فقد اظهر تقرير صدر مؤخراً ان قطاع الشقق السكنية المخصصة للإيجار شهد نمواً ملحوظاً على خلفية النمو السكاني الكبير في المدن الرئيسية، وتحديداً في الرياضوجدة والمنطقة الشرقية.. فأسعار شقق الإيجار تتفاوت بحسب المنطقة الموجودة فيها الشقة، فالأسعار تتراوح بين 28 ألف ريال و50 ألف ريال للشقق ذات الاربع غرف. وذكر التقرير ان قدرة الأسر السعودية على تملك الوحدة السكنية انخفضت خلال الأربعة عقود الماضية بشكل ملحوظ، حيث تستقطع هذه الأسر في المتوسط ما يصل إلى 45 بالمائة من دخلها لتغطية تكلفة تملك الوحدة السكنية مقارنة بنسبة تتراوح بين 20 إلى 30 بالمائة في الدول المتقدمة.