عثر خالد الدوسري، على أخيه محمد «أون لاين» في موقع الفيس بوك، الذي يشتركان فيه، فتبادل الطرفان التحية والسلام، واطمأن كل منهما على أحوال الآخر، في أقل من دقيقتين، قبل أن يودع الشقيقان بعضهما البعض. ويرى مواطنون أن مواقع التواصل الاجتماعي، تطور طبيعي وبديل رائع وسريع، لصلة الأرحام، والزيارات العائلية، التي كان معمولا بها في السابق، في الوقت نفسه، يحذر آخرون من أن الارتماء في أحضان هذه المواقع، يهدد الترابط الاجتماعي بين أفراد الأسر، ويوجد جواً من البرود الأسري. شاشة الكمبيوتر ويقول عمر الحبيب إن مشهد الأسر السعودية مع الانترنت بات لغزاً محيراً «بينما يتسمر «الأب» أمام شاشة الكمبيوتر المكتبي، متصفحاً أحدث أخبار ثورات العرب، تركز «الأم» تفكيرها في التواصل مع عدد من الصديقات والزميلات في حسابها على موقع الفيس بوك، في الوقت نفسه، يمسك «الابن» بجهاز الأيباد الخاص به، ليتابع جديد أصدقائه على تويتر، في الوقت نفسه، تسرح «الابنة» بخيالها، وهي تتصفح موقعاً عالمياً عن أحدث صيحات الملابس الجاهزة، وتمر الساعات تلو الأخرى، ويتمكن الإرهاق من الجميع، فيذهب كل إلى غرفته للنوم»، موضحاً «لا ينتبه الكثيرون لهدر الساعات أمام شاشات الانترنت، ولا يلتفتون بما فيه الكفاية لضعف الارتباط الأسري بسبب الاعتماد المبالغ فيه على مواقع التواصل الاجتماعي والماسنجر في التواصل فيما بينهم». الشباب ينعزلون عن الحياة الاجتماعية بسبب تلك المواقع (اليوم) صور ابني ولآمنة عبدالله رأي آخر اذ تقول: «ابني مبتعث للدراسة في الخارج، وكما تعلمون، فتكلفة الاتصالات الدولية مرتفعة، مما يجبرنا على الاستفادة من تقنية هذه الأجهزة والمواقع الاجتماعية، من أجل التواصل بيننا وبينه، لمتابعة يومياته، فمكالمة واحدة لا تكفي»، مضيفة «من هنا، فتحت حسابا لي في الموقع الاجتماعي «فيس بوك» لرؤية صور ابني، ومتابعة أخبار دراسته, بل إن الأسرة جميعها أصبحت تتابعه، فمثل هذه المواقع جيدة، إذا ما استخدمت الاستخدام السليم». في السابق، كانت الأسر السعودية حريصة على زيارة بعضها البعض، في المناسبات المختلفة، وكان بيت العائلة مزدحماً عن بكرة أبيه، خاصة في إجازة نهاية الأسبوع الألفة والمحبة ويترحم خالد الزهراني على ما كان في السابق من صلة رحم، وعادات اجتماعية جميلة «في السابق، كانت الأسر السعودية حريصة على زيارة بعضها البعض، في المناسبات المختلفة، وكان بيت العائلة مزدحماً عن بكرة أبيه، خاصة في إجازة نهاية الأسبوع، حيث يجتمع الأبناء في بيت الوالدين، ويتناولون وجبة الغداء فيه، ويلعب أطفال العائلة فيما بينهم، في جو من المرح والسعادة، فيما يقضي الكبار أوقاتهم في الأحاديث الودية ويتعرفون على شؤونهم وأحوالهم في جو عائلي مليء بالألفة والمحبة»، موضحاً «أما في هذا الوقت، فقد تحولت الأمور، وانقلبت رأساً على عقب، بعد أن رأى البعض في مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيس بوك، وتويتر، بديلاً تقنياً للاطمئنان على الأهل والأحباب في بضع ثوان، لا يستلزم بعدها بحسب وجهة نظرهم الالتقاء أو تبادل الزيارات الاجتماعية، التي باتت في ذمة الماضي» اهتمامات السابق وتقول أم محمد، المشرفة التربوية على الصفوف الأولية في إدارة تعليم البنات: «الشباب يواكبون زمانهم وما تؤول إليه التكنولوجيا»، مضيفة «في زماننا، كانت تستهوينا الاذاعة، فأنا مثلا كنت لا أنام إلا والمذياع بجوار رأسي، ثم تلاه التلفاز، وما يعرض فيه، هذه كانت اهتماماتنا في السابق». معايير الطاعة وتستطرد أم محمد: «لدي الآن ابنة في الثامنة من العمر، وهي مهووسة ومنهمكة على جهاز «الايبود»، وما يطرح من برامج جديدة فيه»، مؤكدةً «ابنتي في هذه السن، اعتبرها صغيرة جداً لمثل هذه الأمور، فهي بالساعات لا تتحرك من مكانها، وعلى الرغم من تكرار مناداتها، الا انها متسمرة امام هذا الجهاز، وبالتالي انعدمت معايير الطاعة لدى هذا الجيل»، مضيفة «غير أن الكارثة تأتي عندما يدمن الاب موقع الفيس بوك، الذي اعتبره دمارا قطع التواصل بين أفراد الأسرة»، مضيفة «هذا الموقع يدمنه الكثيرون، وبالتالي يؤدي إلى إهمال كلي أو جزئي للحياة الاجتماعية والالتزامات العائلية والوظيفية»، موضحة «بعد التعب الشديد من تصفح الإنترنت والفيس بوك، يلجأ رب الأسرة إلى النوم العميق لفترة طويلة، وهكذا ينتهي اليوم، بين الدوام والانترنت، الأمر الذي يسبب اضطرابات نفسية مثل الارتعاش وتحريك الإصبع بصورة مستمرة». التطور التكنولوجي وتحذر ابتسام الغامدي من التأثير السلبي لمواقع الانترنت، وبخاصة مواقع التواصل الاجتماعي، التي تجتذب الرجال والشبان والفتيات على مدار اليوم، الأمر الذي انعكس على التواصل الاجتماعي بين الاهل والاقارب، الذين أصبحوا لا يرون بعضهم البعض إلا في المناسبات، ويعود ذلك إلى البعد الجغرافي تارة، وإلى التطور التكنولوجي الملحوظ تارة أخرى، حيث أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي هي جسور الربط بين الاهل من خلال التواصل الدائم لها فغدت هي وسيلة صلة الرحم».