يقول الشاعر عايض الظفيري في حواره المنشور اليوم إنه لا يهتم بالمقابل المادي كثيراً لإحياء أي أمسية ولا يطلبه، في اشارة واضحة لما يحدث حالياً من أغلب الشعراء حيث نرى كثيرين منهم يجاهرون بالمطالبة بالمقابل المادي كحق من حقوقهم لا يختلف عليه أحد، فكما يأخذ شاعر المحاورة مقابلاً مادياً لحضوره يجب أن يأخذ شاعر النظم مقابلاً مادياً أيضاً، وطبعاً لا مشكلة في ذلك وتبقى هذه آراء مختلفة لشعراء بعضهم يرون في الشعر مصدر رزق لهم بينما آخرون يعتبرونه هواية أكثر من أي شيء آخر. أجواء شعر المحاورة تختلف كلياً عن أجواء شعر النظم ولذلك أرى أنه من الخطأ أن يقارن شاعر النظم نفسه بشاعر المحاورة. الملاحظ هنا أن بعض الشعراء الذين يبحثون عن المادة وضعوا مكانة الشاعر على المحك، وأعطوا انطباعاً خاطئاً عن جميع الشعراء، بل اصبحت مكانة الشاعر في وضع لا تُحسد عليه، وهذه حقيقة واضحة للعيان. أمثال الظفيري كثر، شعراء مبدعون كتبوا أجمل القصائد وأحبوا الشعر واختاروا أن يقدموه في أجمل حلّة وليس كغيرهم من الذين كتبوه باشتراطات معينة قد تُخضع بعض القصائد لرغبات المنظمين في مدح فلان وعلان “ومجاملة من يستحق ومن لا يستحق” وكل ذلك بسبب المادة يا شعراء المادة. ولو قارنا شعراء النظم بشعراء المحاورة لوجدنا أن أجواء شعر المحاورة تختلف كلياً عن أجواء شعر النظم ولذلك أرى أنه من الخطأ أن يقارن شاعر النظم نفسه بشاعر المحاورة في هذه الناحية، فشاعر المحاورة تقف خلفه الصفوف المشتعلة حماساً بينما شاعر النظم عكس ذلك، حتى ولو حاول إقناع الحضور بأنه شاعر حماسي. تظل مسألة المقابل المادي بين أخذ وردّ، فبين مُقر بأحقية الشاعر في الحصول عليها وبين مُستنكر لطريقة أغلب الشعراء في ربط حضورهم المناسبات بالحصول على مبلغ معيّن، وبين شعراء ارتقوا بالشعر إلى آفاق أعلى وحلقوا بعيداً بجناحي الإبداع، ولم يرضوا أن يعرضوا قصائدهم في يوم الأيام بمقابل مادي. [email protected]