لا تخلو ساحة الشعر الشعبي من وجود الدكاترة الذين يحاولون أن يقدّموا بعض نظرياتهم النقدية وأن يظهروا بشكل مميّز يعكس حجم الشهادات العليا التي يحملونها. وقد وفّق عدد قليل جداً منهم في ذلك بينما أخفق عدد أكبر، يأتي في مقدّمة مَن وفّقوا في ذلك واستطاعوا بالفعل تشكيل الإضافة.. الدكتور غسان الحسن الذي كان له دور كبير في تغيير الكثير من المفاهيم لدى المتلقي منذ ظهوره في النسخة الأولى من برنامج «شاعر المليون»، حيث شكّل إضافة نقدية، وساهم نجاح البرنامج جماهيرياً وطريقه الحسن في نقد القصيدة في أن تكون كذلك. في حين لم يستطع أغلب «الدكاترة» الآخرين تقديم أنفسهم بالشكل الذي ربما كانوا يأملونه بل لم يستطيعوا تشكيل انطلاقة حقيقية للثقافة النقدية في الشعر الشعبي رغم ما يملكونه من مؤهلات تساعدهم على ذلك. القصيدة الشعبية لا تحتاج «دكاترة» لمجرد أنهم «دكاترة» أفنوا أعمارهم في الدراسة والتحصيل العلمي، فهؤلاء أقرب لتحليل القصائد الفصحى من القصائد الشعبية التي ظلمت كثيراً في أيدي أغلبهم..مشكلة هؤلاء «الدكاترة» أنهم نظروا للشعر الشعبي في بداية الأمر من أعلى، وعندما اكتشفوا أنهم مخطئون عالجوا الخطأ بخطأ أكبر وهو محاولتهم التوجّه، والمشاركة في المسابقات الشعرية التي تختلف مستوياتها، كما تختلف المتابعة الجماهيرية لها، حيث بحث أغلبهم عن الشهرة والمادة بغض النظر عن إن كانوا بالفعل قادرين على الظهور بالشكل المميّز أم لا، مما تسبّب في ألا تلقى أغلب وجهات نظرهم حيال القصائد التي ينقدونها تأييد المتابعين الذين استغربوا ذلك الظهور، واعتبروا أن أمثال هؤلاء هم دخلاء على الشعر بل ولا يملكون ما يؤهّلهم لنقد القصيدة الشعبية، مفضّلين أن يحتل مكانهم شاعر شعبي أو إعلامي قدير يملك الخبرة والقدرة على تحليل القصيدة، مما يجنّب الشاعر التعرّض للتقليل من قصيدته رغم أنها تستحق الإشادة. خلاصة القول إن القصيدة الشعبية لا تحتاج إلى «دكاترة» لمجرد أنهم «دكاترة» أفنوا أعمارهم في الدراسة والتحصيل العلمي، فهؤلاء أقرب لتحليل القصائد الفصحى من القصائد الشعبية التي ظلمت كثيراً في أيدي أغلبهم وهم يحاولون تطبيق نظرياتهم النقدية على الشعر الفصيح في الشعر الشعبي. [email protected]