ظل حلم الانضمام إلى النادي النووي مسعى للعديد من دول الشرق الأوسط ،خاصة بعد انضمام باكستان له ، فيما عرف عربيا باسم القنبلة الإسلامية ، فيما بقيت المخاوف من الملف النووي الاسرائيلي قائمة لما يخيم عليها من ضبابية ندرة و تباين المعلومات حول حقيقية الحقبة النووية، وجاءت مساع ٍ عربية متواضعة لامتلاك "محطات نووية" الهدف منها هو إنتاج الطاقة. لكن ربما بدا هذا الحلم وتلك المساعى في حينها تخفت كثيرا بعد مشاهدة الملايين عبر العالم ما حدث في المنشآت النووية اليابانية في منطقة فوكوشميا التي تعرضت في مارس الماضى إلى كارثة تدمير كامل بعد وقوع زالزال وموجات تسونامي، فيم اعتبر أكبر ثاني كارثة في العالم بعد حادث مفاعل تشير نوبل عام 1986. وفي هذا السياق عقدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا خلال الأسبوع الماضي مؤتمرها الوزاري حول «معايير السلامة النووية». ودعا مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوكيا أمانو، إلى ضرورة تعزيز معايير السلامة في كل المفاعلات النووية واستخلاص الدروس والعبر من تلك الكارث. و بحضور ممثلين عن 150 دولة جرى بحث أساليب متطورة تهدف إلى جعل استخدامات الطاقة النووية للأغراض السلمية أكثر أمنا . في الوقت الذي يبدو أن هناك خلافات في حجم التدخل الدولي لمنع حوادث مماثلة لكارثة اليابان مستقبلا. لكن الأمر لم يخلُ من الجدل وسط الحديث عن عدم الاعتراض على إنشاء المحطات لكن ضرورة العمل على التأكد من إجرءات السلامة ، فبعض الدول المشاركة رأت بحسب تقرير ل ( بي بي سي ) ، إنه يمكن ترك تفاصيل أنظمة السلامة النووية للحكومات المعنية بالأمر. رعب الكارثة اليابانية كان له تداعياته في أوروبا ، حيث قررت ألمانيا تصفية المفاعلات النووية الموجودة على أراضيها بشكل كامل بحلول 2022 ، حيث وافق مجلس الوزراء الألماني على الوقف الفوري لعمل ثماني محطات طاقة نووية و الوقف التدريجي لاستخدام الطاقة النووية في البلاد، و يوجد في ألمانيا حاليا 17 محطة طاقة نووية من المقرر أن يتم إغلاق محطة طاقة نووية واحدة في عام 2015 و2017 و2019، ثم إغلاق ثلاث محطات طاقة نووية في عام 2021 و عام 2022 . و في إيطاليا قرر البرلمان الإيطالي وقف أنشطة توليد الطاقة الكهربائية عبر مفاعلات نووية ، لكن لم أصوات لدول عادة ما تستخدم تلك التقنية في توليد الطاقة الكهربائية و مجالات أخرى ومنها بريطانيا و فرنسا و إسبانيا. يرى بعض المراقبين أن مخاطر السلامة تلك موجودة قائمة الاحتمالات و بقوة في المنطقة من خلال مفاعل ديمونة المنتهى الصلاحية منذ عقود، وهو ما يؤكد على أن أبواب الرعب في المنطقة قائمة من هذه الجهة كما يؤكد على ذلك مدير مركز الدراسات الأمنية والسياسية اللواء سامح سيف اليزل الذي يقول «كشفت الخبير الاسرائيلي فنونو الذي عمل في مفاعلات النقب بالحسابات أن إسرائيل لديها من 200 إلى 250 رأسا نوويا، وربما تصل التقديرات وقت هذا الكشف إلى 300 رأس، لكن الحسابات القائمة اليوم لدينا تقول أن هناك ما يصل إلى 600 - 700 رأس نووي لدى إسرائيل «. و بشكل رئيسي تمتلك «إسرائيل» مفاعلين نوويين: أحدهما يقع في ناحال سوراك بقوة 5 ميجاواط يستعمل المياه الخفيفة. - والآخر يقع في ديمونا بقوة تصل إلى 150 ميجاواط ويعمل بالماء الثقيل، ويعمل على اليورانيوم الطبيعي، وبالتالي فهو يستعمل لإنتاج المواد الانشطارية. و لدى « إسرائيل» أيضا منشآت خاصة بالتخصيب تستعمل تكنولوجيا اللايزر، وأخرى تعمل عن طريق الطرد المركزي. و يلمح سيف الليزل إلى أن المخاوف من النشاط النووي الاسرائيلي يفوق في حجمه المخاوف من السباق النووي القائم في المنطقة، وتطورات الملف النووي الإيراني، بما لا يقلل من المخاوف الخاصة به هو الآخر. وفي السياق ذاته يقول الدكتور السفير محمد شاكر الخبير مندوب مصر الأسبق في الوكالة و أحد خبراء الملف النووي ، إنه كانت هناك مفاوضات عالية حول الملف النووي مقابل عملية السلام، خلال المؤتمر الخاص باتفاقية إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، مشيراً إلى أن تلك المحاولات ستبقى مستمرة في المستقبل وأن المطلوب هو استمرار هذا التحرك في كافة المؤسسات الدولية حتى يجري إخضاع المنشات الاسرائيلية لإجرءات الوكالة الدولي.
جهود عربية لنزع أسلحة الدمار الشامل من المنطقة فيما يرى الدكتور عبد الخبير عطا رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة أسيوط أن جوهر الأزمة التي يواجهها العالم في المجال النووي تكمن فيما يمكن أن يطلق عليه «سياسات التمييز النووي» التي تخدم القوى النووية الخمس الكبرى «الولاياتالمتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا» وتميزها على بقية بلدان العالم في امتلاك السلاح النووي، وأضاف الدكتور عطا أن الولاياتالمتحدة لعبت دورا أساسيا في إفشال نظام حظر الانتشار النووي، من خلال اتباعها سياسات تتسم بالازدواجية في المعايير، التي تتجسد بوضوح في الرعاية الكاملة للاستراتيجية «الاسرائيلية» في امتلاك أسلحة نووية وعدم ممارسة الضغط على «اسرائيل» للانضمام لمعاهدة حظر الانتشار النووي، وتحصينها بالفيتو، وبات هناك غياب للثقة في نظام حظر الانتشار النووي لتحقيق حلم «جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل وخاصة السلاح النووي»، وبالتالي إيجاد بيئة إقليمية تتحفز باتجاه إطلاق نووي إقليمي كان ينتظر الفرصة المواتية لاشتعاله، ولعل استمرار إيران في برنامجها النووي يحدد آفاق هذا السباق النووي الإقليمي في «الشرق الأوسط»، رغم المخاوف من تداعياته الخطيرة. من جانبه يدعو الدكتور ناصر أبوزيد المدرس المساعد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة إلى ضرورة توقف الدول التي تمتلك البرامج النووية عن إجراء التجارب النووية، وإرساء المجتمع الدولي نظاما للمراقبة الدولية على هذه البرامج النووية، أو الإسراع بنزع أسلحة الدمار الشامل، وإمضاء معاهدة دولية تحرم صنع واستعمال هذه الأسلحة، وفي نفس الوقت إلقاء العصا واستخدام الجزرة لتحقيق تفاهم مع الدول التي تمتلك برامج نووية الآن مثل كوريا الشمالية وإيران. يقول المستشار رشاد عبده الطماوي الخبير الاستراتيجي والمحلل السياسي أنه فيما يبدو أن عملية إخلاء العالم من الأسلحة النووية ستظل قاصرة على كلام شفوي ومكتوب يصعب تنفيذه مادام هدف منع الانتشار يتقدم على هدف نزع السلاح، بل ويجد رواجا وتشويها وأكاذيب إعلامية مقصودة، ويؤكد الدكتور أحمد مرسي الحطاب أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلون أن فكرة العالم الخالي من الأسلحة النووية حلم جميل، لكن هناك عقبات تعترضه، وهي نفس العقبات التي تواجه مشكلة الاحتباس الحراري تقريبا، وإذا كانت دول العالم فشلت في الحد من هذه المشكلة لتعنت الدول الكبرى في تخفيض انبعاثات الكربون لديها، فإن مشكلة التسلح النووي تواجه نفس المصير إلى حد كبير. كما أن النشاط الأمريكي المكثف هذه الأيام يستهدف تحسين الصورة الأمريكية للإبقاء على معاهدة منع الانتشار النووي. ويؤكد السفير وائل الأسد مدير إدارة العلاقات متعددة الأطراف بالجامعة العربية أن الجهود العربية متواصلة، وهناك تنسيق مستمر من أجل العمل على إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، موضحا أن مجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري في دورته العادية 16 سبتمبر2010 أصدر قرارا بشأن مخاطر السلاح النووي الإسرائيلي وأسلحة الدمار الشامل الإسرائيلية الأخرى على السلم الدولي والأمن القومي العربي، الذي سوف يتم عرضه على مؤتمر إخلاء منطقة الشرق الأوسط من السلاح النووي المقرر أن يعقد عام 2012. موضحا أنه لا توجد أية تحركات حقيقية بشأن إخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل، لذلك من المهم أن يدرس ممثلو الدول العربية ماهية الخطوات التي اتخذتها الأممالمتحدة والدول النووية نحو تنفيذ هذا القرار قبل مؤتمر المراجعة عام 2015.