تقف السلطة الفلسطينية عند مفترق طرق يشتد خطورةً مع اقتراب أيلول/سبتمبر المقبل؛ وهو الموعد الذي حددته رئاستها للتوجه للجمعية العامة للأمم المتحدة لطلب استحقاق الدولة الفلسطينية من الجمعية الأممية، رداً على التعنت الإسرائيلي. الزاوية التي وجد الرئيس الفلسطيني محمود عباس نفسه فيها في الأيام الأخيرة، لم تحشره فيها (إسرائيل) بالقدر الذي وضعته فيها واشنطن التي لوّحت له بعصا غليظة إذا ما أقدم على تنفيذ وعده في أيلول /سبتمبر. وقد دعا الرئيس الأمريكي باراك أوباما السلطة الفلسطينية إلى التوقف عن اتخاذ خطوات أحادية الجانب، وعدم التوجه إلى الأممالمتحدة لنيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية. وقد أبلغت الإدارة الأمريكية نهاية الأسبوع الماضي مبعوثي عباس إلى واشنطن الدكتور صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين والمتحدث باسم عباس نبيل أبو ردينة "رسالة شديدة اللهجة " بخصوص توجه السلطة . صائب عريقات وتضغط واشنطن لثني السلطة الفلسطينية عن وجهتها الأممية ، وإرغامها على القبول باستئناف مفاوضات فورية مع (إسرائيل) لم تحدد أسسها واشنطن وتل أبيب ، فيما تريدها السلطة منطلقةً من خطاب أوباما في "الايباك" قبل أسبوعين . ووفق مصادر سياسية فلسطينية مطلعة، فإن السلطة الفلسطينية تريد ضمانات تمكنها من مواجهة الشعور الشعبي العارم ضد المفاوضات ومواقف بعض الدول العربية الرافضة لمحاولات عودة المفاوضات مع إسرائيل المتوقفة منذ أشهر، مقابل التنازل عن التوجه للأمم المتحدة. فإن السلطة الفلسطينية تريد ضمانات تمكنها من مواجهة الشعور الشعبي العارم ضد المفاوضات ومواقف بعض الدول العربية الرافضة لمحاولات عودة المفاوضات مع إسرائيل المتوقفة منذ أشهر، مقابل التنازل عن التوجه للأمم المتحدة. وينفي كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات تراجع الفلسطينيين عن التوجه للأمم المتحدة ، ويؤكد أن خطوة الذهاب للأمم المتحدة قائمة ولن يكون هناك تراجع. وينفي عريقات في اتصال مع «اليوم»، وجود خلافات بين أركان القيادة الفلسطينية حول التوجه إلى الأممالمتحدة " لا يوجد خلاف فلسطيني لأن التوجه إلى الأممالمتحدة بحد ذاته أمر إيجابي للفلسطينيين حتى لو لم تحصل فلسطين على عضوية". وشدّد على أن خيار الذهاب للأمم المتحدة خيار جدي، لكن إذا استخدمت أمريكا الفيتو فلن نحصل على عضوية. وأوضح ، سنذهب لنعرّي رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو. ويضيف عريقات: إن " الخطوة سياسية بامتياز, كما إن خيار العضوية يعزز خيار الدولتين". ويختلف مراقب فلسطين السابق في الأممالمتحدة ناصر القدوة عضو اللجنة المركزية لحركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني مع عريقات، ويتساءل عن جدوى التوجه للأمم المتحدة في أيلول " ماذا نستطيع أن نفعل؟" ويجزم: " ليس من الممكن الحصول على عضوية فلسطين في الأممالمتحدة ". ويفسر موقفه بالقول: إن ذلك يتطلب قراراً من مجلس الأمن لأن الميثاق واضح لا يمكن تجاوز مجلس الأمن الذي يجابه بممانعة أمريكية. وزاد على ذلك بالقول: " لا أحد يضمن كيف تنظر الدول الأخرى إلى هذا التحرك الفلسطيني". ويقول القدوة ل «اليوم» : يجب التمييز بين سياسة الحصول على دعم متزايد وإمكانية الاعتراف من الدول بالدولة الفلسطينية، وتعزيز مكانتها في المؤسسات الدولية بما في ذلك الاعتراف بها في الأممالمتحدة، وبين استحالة الحصول على عضويتها الكاملة في الأممالمتحدة حاليًا. من جهته ,يقول المحلل السياسي عبد الستار قاسم : السلطة أضعف من أن تقدم على إعلان الدولة الفلسطينية بدون موافقة أمريكية، و ستخضع في نهاية الأمر "للإرادة الأمريكية" التي تفرض إراداتها ليس على سلطة ضعيفة ومشتتة فحسب ، بل على دول عظمى كروسيا والصين . ويشير قاسم إلى صعوبة " حل القضية الفلسطينية دون الرجوع للولايات المتحدة" ، وواشنطن هنا من الصعب أن تنصف الحق الفلسطيني مهما كانت درجة مظلومية الفلسطينيين " لأنها تشعر بمظلومية تاريخية إسرائيلية ". ويعتقد المحلل السياسي أن تستجيب السلطة الفلسطينية في منتصف الطريق إلى الضغوط الأمريكية الممارسة عليها منذ أشهر ، وتضطر للنزول عن الشجرة التي صعدت إليها بالاكتفاء بالمبادرة الفرنسية التي ستجمع أطراف عملية التسوية المختلفة في باريس قبل نهاية الشهر الجاري . ويعتبر قاسم، أن المبادرة الفرنسية التي تحشد لها باريس حالياً "لا تتعدى كونها شكلية أو بروتوكولية" خصوصاً أن واشنطن غير متحمسة لها فيما تواجه رفضاً إسرائيليا. ويعتقد المحلل السياسي عبد المجيد سويلم ، أن أيلول المقبل يمكن أن يكون له أهمية أكبر مما يحاول البعض تخفيف الأثر ، ويمكن له أن يؤدي إلى أحداث قد تُغيِّر من وجه هذه المنطقة، ومن خرائطها السياسية، وربما الجغرافية أيضاً. ويشير سويلم الى أن المرحلة الفاصلة بين يومنا هذا وأيلول القادم، هي مرحلة حساسة، قد يتم خلالها اللجوء إلى لعبة خلط الأوراق على المستوى الإقليمي لإجهاض التحرك الفلسطيني .