سوق العقارات بمنطقة المدينةالمنورة من الأسواق الرائجة التي تحقق أرباحا كبيرة في فترات وجيزة، وقد ظل هذا السوق مستقرا عندما كان يديره مواطنون، غير أن بعضهم تركوا المجال واتجهوا لسوق الأسهم واكتفى آخرون بمشاركة مقيمين، وبمرور الوقت سيطر هؤلاء المقيمون على سوق العقارات، وكونوا فيما بينهم تحالفات تجارية لتحقيق مزيد من الربح على حساب المواطن. ولم يكن صعبا على كل من مصطفى ومحمود وعاطف وسيد وعبدالرسول وجميعهم مقيمون من جنسيات عربية ويعملون في مكاتب عقار يملكها سعوديون، أن يجمعوا مبلغا يزيد على 300 ألف ريال للبيع والشراء والمتاجرة في العقارات قبل نحو خمسة أعوام ونجحت فكرتهم بعد أن تمكنوا من تحقيق أرباح، بالرغم من حظر وزارة الداخلية لهذا الأمر. وقال متعاملون مع سوق العقار في المدينةالمنورة إن ظاهرة العمالة الوافدة تفاقمت في الآونة الأخيرة، وأخذت أبعادا كثيرة، فهي تضيع على الشباب السعودي فرصا للعمل الحر، كما أتاحت مجالا لحالات ومخالفات ذات أثر سلبي من النواحي الأمنية والاقتصادية والاجتماعية. وأشاروا إلى أن بعض المواطنين "أصحاب مكاتب عقارية بالاسم فقط" يمارسون مخالفات قانونية صريحة، إذ يوفرون الغطاء القانوني للعمالة الوافدة، التي تقوم بدور المالك للمكتب والنشاط حقيقة وفعلا، الأمر الذي ساهم في تحويل عائدات طائلة تحققها المكاتب في غير صالح الاقتصاد الوطني. وذكروا أن عددا من حالات سرقة تمت تحت هذا الغطاء، إذ اعتمد بعض السعوديين على مكفوليهم الوافدين في صفقات أو تعاملات مالية، لم تتم وانتهت بهرب العامل الوافد بالأموال، التي هي جهد المواطنين واستثماراتهم لسنوات عدة. وطالب المتعاملون في السوق العقاري الجهات المعنية بالتعامل بحزم مع هذه الظاهرة، وتنفيذ التعليمات الرسمية التي تقضي بسعودة المكاتب العقارية، وحصر أنشطتها وهي: البيع والشراء والتأجير والمساحة وإدارة الأملاك وما يترتب عليها من تعاملات مالية، على السعوديين، ومنع ذلك على الوافدين تحت أي ظرف. وذكروا أن عددا من التعميمات الرسمية صدرت في وقت سابق من عدة جهات حكومية مثل وزارات العمل والشؤون الاجتماعية، والداخلية تؤكد منع أي عامل مقيم من العمل في المكاتب العقارية "فضلا عن تملكها" وتلزم المؤسسات والمكاتب العقارية بنقل عمالتها الوافدة لأي عمل آخر تجيز التعليمات عملها به عند الكفيل ذاته، أو عند صاحب عمل آخر تجيز التعليمات للأجنبي أن يعمل به. واستغرب محمد البلادي وعبدالله الرشيدي وعابد الصبحي "أصحاب مكاتب عقار" من عدم وجود رقابة أمنية على هذه المكاتب من قبل الجهات المختصة على الرغم من توجيهات وزارة الداخلية وناشدوا بضرورة ربط مكاتب العقار بجهة معينة يتم تزويدها بالمعلومات كافة عن المستأجرين الذين يتم التأجير لهم. و تساءل ماهر النحاس وعبدالعزيز البلوشي عن الجهة المسؤولة عن منح تصاريح بمزاولة هذا العمل وسبب انتشاره وعشوائيته، موضحين أن الأمر ساهم في مساعدة المخالفين لأنظمة الإقامة والعمل في إيجاد فرص للعمل لبعض منهم والبعض الآخر في استئجارها وتشغيلها بعد إغراء بعض ملاك العقار بمبالغ مالية كبيرة. من جهته، اتفق مصدر رفيع في المديرية العامة للجوازات مع ما ذكره المواطنون وقال ل"الوطن" إن توجيهات صدرت من وزارة الداخلية قبل عدة أعوام تشير بالحد من هذه الظاهرة وتمكنت دوريات الجوازات آنذاك من إغلاق كثير من المكاتب العقارية في عدد من مدن ومحافظات المنطقة، بعد الإجراءات المشددة لمنع تشغيل العمالة الوافدة أو التستر عليها في مزاولة هذه المهن والخدمات. وأوضح المصدر أن الحملات التي كانت تقوم بها دوريات الجوازات في وقت سابق جاءت بناء على توجيهات تنص على منع تشغيل العمالة الوافدة في المكاتب العقارية بوظيفة "سمسار" وأن من يتم القبض عليه بعد ثبوت قيامه بهذا العمل يتم تغريمه 1000 ريال وترحيله إلى بلده، مشيراً إلى أن أغلبية العمالة التي يتم تشغيلها في المكاتب العقارية من الجنسيات العربية وتعمل بنظام النسبة أو التأجير والذي يكون مخالفاً لنظام الإقامة والعمل. وأرجع المصدر أسباب توقف هذه الحملات إلى تعارض هذا الأمر مع نظام من يحمل إقامة وقد تمت إحالة الأمر إلى وزارة العمل كونها جهة الاختصاص، مطالبا بضرورة تحديد جهة معينة تتولى مسؤولية تنظيم وترتيب هذا الأمر بعد أن أصبحت العمالة الوافدة تدير هذا النشاط التجاري وبشكل لافت. من جهته أوضح الناطق الإعلامي بمديرية الجوازات في منطقة المدينةالمنورة المقدم هشام الردادي ل"الوطن" أن دوريات الجوازات مكلفة بملاحقة المخالفين لنظام الإقامة وتقوم بتفتيش الأماكن كافة التي يحتمل وجودهم فيها. وعن غير المخالفين لنظام الإقامة، قال المقدم الردادي إن هناك جهات أخرى تتابع المخالفات التي تصدر منها، مشيراً إلى أن دوريات الجوازات عند رصدها لأي مخالفة في الموقع الذي تقوم بتفتيشه تقوم بضبطها في محضر وتحيلها إلى جهة الاختصاص لتطبيق النظام.
436 مكتبا مرخصا من الأمانة أوضح مدير إدارة الإعلام في أمانة منطقة المدينةالمنورة علي بن مبارك العلوي ل"الوطن" أن عدد المكاتب العقارية في المدينةالمنورة بلغ خلال الخمسة الأعوام الماضية 436 مكتب عقار جميعها مرخصة. وقال العلوي إن أمانة منطقة المدينةالمنورة لا تسمح بمزاولة أي نشاط دون الحصول على ترخيص مسبق، مبينا أن دور الأمانة حيال المكاتب التي تعمل دون ترخيص هو متابعة مثل هذه المكاتب إن وجدت وإلزام أصحابها باستخراج التراخيص اللازمة لمزاولة النشاط أو إغلاقها وتطبيق لائحة الغرامات والجزاءات الصادرة من المقام السامي بحق المخالفين.