فرض كأس العالم 2014 نفسه واحدا من افضل البطولات عبر التاريخ بل تفوق على بطولة اسبانيا 1982 التي جمعت مارادونا وزيكو وسقراط وبلاتيني وباولو روسي ورومينيجه. لقد وفى بوعوده حتى الآن، وأهدى عشاق اللعبة أمسيات رائعة لن تغيب عن الذاكرة في فترة قصيرة. ماذا يمكن القول عن مونديال البرازيل حتى الآن؟ ليس أقل من كلمة رائع تصح في وصف هذه البطولة بنسختها العشرين. كل شيء يمكن أن يحلم به المتابع المولع بكأس العالم حصل عليه حتى الآن في هذا المونديال، ويبدو أن “الخير قادم” وفقاً لما تظهره المباريات تلو الأخرى. فبدلاً من أن ينال التعب من لاعبين خاضوا موسماً مرهقاً، في ظل درجات حرارة مرتفعة وقرب الموعد الزمني للمباريات، إذا بالبطولة “تشتعل” على نحو مدهش، ولتكون حصيلة دور ال16 انتهاء 5 مباريات بعد الاحتكام الى شوطين إضافيين أو ركلات الترجيح، حيث تم كسر الرقم القياسي السابق في مونديال 1990 (4 مباريات)، فضلاً عن تأهل أبطال المجموعات الثماني الى ربع النهائي للمرة الاولى منذ اعتماد 32 فريقاً في النهائيات، أضف الى معدل تسجيلي فاق كل التوقعات حيث سجل حتى الآن 154 هدفاً، أي أكثر من مجمل ما شهده مونديال جنوب أفريقيا 2010 (145 هدفاً)، علماً بأن دور المجموعات في 2014 أصبح الأعلى تهديفاً في التاريخ ب136 هدفاً متخطياً ب6 أهداف الرقم السابق الذي سُجل في مونديال كوريا الجنوبية واليابان عام 2002. فلنضع الأرقام، على أهميتها، جانباً، ولنبقَ في سحر هذا المونديال الذي كانت تشوبه المخاوف للتأخر في إنجاز الانشاءات وأخرى أمنية، وإذا بحماوة المباريات وجماليتها تطغيان على ما سواها، ليخرج أمين عام الاتحاد الدولي لكرة القدم، جيروم فالكه، الذي كان كثير الانتقاد لاستعدادات البرازيل، لكن وفي تصريح لمحطة “غلوبو” المحلية يقول فيه: "أعتقد أنها أفضل كأس عالم من حيث كرة القدم". فعلاً، ما الذي لم يقدمه لنا هذا المونديال حتى الآن؟ الأرقام، ما أكثرها. المفاجآت، لا تعد ولا تحصى، إذ يكفي القول إن منتخبات كإسبانيا، بطلة العالم، وايطاليا وانجلترا والبرتغال، ودّعت البطولة من دور المجموعات، ويكفي القول إن كوستاريكا بلغت ربع النهائي بعد أن كانت تصدرت مجموعتها التي ضمت انجلترا وايطاليا والاوروجواي. المونديال الأعلى تهديفاً في دور المجموعات ماذا عن التشويق والحماسة والإثارة والندية؟ هنا بيت القصيد إذ ما شاهدناه حتى الآن أصابنا، دون مبالغة بالجنون الكروي، هل هؤلاء سحرة ام بهلوانيون.. لا انهم نجوم بكل ما للكلمة من معنى. يكفي القول إن دور ال16 وحده شهد ملاحم كروية حتى ثوانيها الاخيرة وما بعد هذه الثواني، لتكون نتيجة ذلك أحداثا مريرة، كتوقف قلب أحد مشجعي الجزائر بعد الخسارة أمام ألمانيا، وهذا ما حصل مع رجل برازيلي لم يحتمل مشاهدة ركلات الترجيح بين منتخب بلاده وتشيلي. في حقيقة الامر، لا يمكن إحصاء كمّ الصرخات التي أُطلقت والدموع التي ذرفت على امتداد العالم عندما أصابت مثلاً تسديدة التشيلياني ماوريسيو بينييا العارضة البرازيلية في الدقيقة 120، أو رأسية السويسري بيليريم دزيمايلي القائم الأيمن لمرمى الأرجنتين في الدقيقة 118، أو عند تدخلات الحارس الألماني مانويل نوير خارج منطقته امام الجزائر، أو تصديات حارس الأخيرة، رايس مبولحي، في المباراة عينها وغيرها وغيرها. الاهداف الرائعة هي زينة كأس العالم وحلاوته كتسديدة الكولومبي جيمس رودريجيز امام الأوروجواي او "فوليه" الاسترالي تيم كاهيل امام هولندا. ماذا عن أجواء الجماهير في المدرجات؟ كلمة روعة تختصرها. ماذا عن اللقطات الطريفة؟ سقطة توماس مولر خلال تنفيذه ركلة حرة في الدقيقة 88 من مباراة ألمانياوالجزائر تفيدنا عنها. غرائب كأس العالم لم تتوقف هنا فعضة لويس سواريز لجورجيو كييلليني خلال مباراة الأوروغواي وايطاليا في دور المجموعات تختصر عجائب كؤوس العالم بل تفوقت على اعتداء الالماني توني شوماخر على الفرنسي باتريك باتيستون في كأس العالم 1982 ونطحة الفرنسي زين الدين زيدان للايطالي ماركو ماتيراتزي في نهائي 2006. ما الذي يجري مع حراس المرمى كيف اعادوا احياء الزمن الجميل زمن الروسي ليف ياشين والانجليزي جوردون بانكس والايطالي دينو زوف والالماني سيب ماير؟ أيعقل الذي يفعلونه بين الخشبات الثلاث؟ لا اختلاف في أننا نعيش ظاهرة في تاريخ المونديال في هذا الجانب. كيف لنا أن نجرؤ لنختار الأفضل بعد الذي رأيناه من نوير ومبولحي والكوستاريكي كايلور نافاس والبرازيلي جوليو سيزار والمكسيكي غييرمو أوتشوا والنيجيري فينسنت إينياما والأميركي تيم هاورد. هدف رودريغيز، عضة سواريز، تسديدة بينييا، رأسية دزيمايلي، تدخلات نوير، صدات مبولحي ونافاس وهاورد، وسقطة مولر، هذه بعض من صور باتت تلاحقنا ونحن نعيش احتفالات وكرنفالات كأس العالم البرازيلي، بعض من صور رسمت لنا، حتى الآن، لوحة أحلى مونديالاتنا. @AALZEIN