عوداً على بدء عن القضاء المستعجل، فكثيراً ما يتذمر المتقاضون من بطء الإجراءات القضائية، وبُعد مواعيد جلسات فصل القضاء، وما يترتب على ذلك من ضياع الحقوق على أهلها، ولحوق الضرر بالمتداعين. ومن مقاصد الشريعة المعتبرة والضرورية، حفظ الحقوق لأهلها، ودفع الظلم عن المظلوم، وتوفير الحماية القضائية العاجلة لمنع الضرر قبل وقوعه، أو دفعه حال وقوعه، أو قطع استمرار وقوعه، والأصل في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم «لا ضرر ولا ضرار». لذلك اقتضت المصلحة العامة، وهي مصلحة معتبرة شرعاً، تضمين بنود لحالات القضاء المستعجل في نظام المرافعات الشرعية في المملكة، وله ما يؤيده من الأدلة الشرعية، حيث إن الأصل في نظام فصل الخصومات في الشريعة الإسلامية، إن الأصل في نظام فصل الخصومات في الشريعة الإسلامية، هي سرعة الحسم متى ما تبين الحق، وإنفاذه متى ما ظهرت دلائله وقراءنه هي سرعة الحسم متى ما تبين الحق، وإنفاذه متى ما ظهرت دلائله وقراءنه، ويشهد لذلك قصة كعب بن مالك، قال صلى الله عليه وسلم : يا كعب فقال: لبيك يا رسول الله، فأشار بيده الطاهرة أن ضع الشطر، أي النصف، أي تنازل عنه، فقال كعب: قد فعلت يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قم فأقضه، أي لصاحبه في الحال، دون تأخير لما يترتب على تأخير إيصال الحقوق إلى مستحقيها، من مفاسد كثيرة ومن أهمها: حرمان صاحب الحقوق من الانتفاع بحقه، وإقرار غير المستحق على الانتفاع بما ليس له، وإضرار بصاحب الحق وظلم له، ومنها كذلك استمرار النزاع المؤدي إلى الهرج والمرج والاضطراب، ومنها كذلك: تطرق التهمة إلى القاضي بإرادته تأخير الفصل في الحكم تمكين غير المستحق من الانتفاع بما ليس له، وإملال صاحب الحق ليترك الخصومة،وفي هذا مفسدة عظيمة من زوال حرمة القضاء وهيبته في النفوس، وهو حديث الناس اليوم، مع شهادتنا بنزاهة القضاء لدينا مما يلصق به، إلا أن هذا واقع مشاهد ومسموع، أعني التأخر في فصل القضاء، وحاجة الناس ملحة جداً في سرعة البت في قضاياهم، وكما قيل «لا يحس بالنار إلا واطيها» سيما في القضايا التي نص عليها نظام المرافعات في فصل القضاء المستعجل في المادة 208 في الحجز التحفظي، والمادة 234 في دعوى المعاينة لإثبات الحالة ومعالجتها، ودعوى المنع من السفر، ومنع التعرض للحيازة، والمادة 235 من نقص ميعاد إبلاغ المدعى عليه عن 24. وإن مما يثلج الصدر اعتراف وزارة العدل، وعلى رأسها معالي الوزير الموقر ببطء الفصل في بعض القضايا، وأسباب التأخر في البت فيها، ما دعا الوزارة لتطوير إجراءات التقاضي إلكترونياً، ولا يزال سعيها دؤوباً في توفير الكوادر المدربة، مما يخفف العبء على منسوبي القضاء خاصةً، وعلى أرباب المصالح عامةً، في ظل دعم خادم الحرمين الشريفين حفظه الله لمرفق القضاء وتطويره بمشروع «عدل» الذي نتطلع أن ترى نتائجه قريباً، ويجني ثماره بإذن الله، والله الموفق. قاض سابق ومستشار شرعي