يرى أبناؤنا عند الإشارات وعند أبواب الأسواق بعض النساء المتسولات فكيف نتصرف؟ وهل يحق للمسلم أن يتسول إذا كان محتاجا؟ يغرس الإسلام في نفس المسلم كراهة سؤال الناس، تربية له على علو الهمة وعزة النفس، والترفع عن الدنايا. لقد علم الرسول (صلى الله عليه وسلم) أصحابه مبدأين جليلين من مبادئ الإسلام: الأول: أن العمل هو أساس الكسب، وأن على المسلم أن يمشي في مناكب الأرض ويبتغي من فضل الله. والثاني: أن الأصل في سؤال الناس وتكففهم هو الحُرمةُ، لما في ذلك من تعريض النفس للهوان والمذلة، فلا يحل للمسلم أن يلجأ للسؤال إلا لحاجة تجبره على السؤال. والعلاج العملي هنا يتمثل في أمرين: أولهما: تهيئة العمل المناسب لكل عاطل قادر على العمل، والتصرف السديد الواجب هو ما فعله رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إزاء واحد من هؤلاء السائلين. ودور الزكاة هنا لا يخفى، فمن أموالها يمكن إعطاء القادر العاطل ما يمكنه من العمل في حرفته من أدوات أو رأس مال، ومنها يمكن أن يدرب على عمل مهني يحترفه ويعيش منه، ومنها يمكن إقامة مشروعات جماعية - مصانع أو متاجر أو مزارع ونحوها - ليشتغل فيها العاطلون وتكون ملكًا لهم بالاشتراك كلها أو بعضها. وثاني الأمور التي يتمثل فيها العلاج العملي للمسألة والتسول في نظر الإسلام: ضمان المعيشة الملائمة لكل عاجز عن اكتساب ما يكفيه، وعجزه هذا لسببين: (أ) إما لضعف جسماني يحول بينه وبين الكسب لصغر السن وعدم العائل كما في اليتامى، أو لنقص بعض الحواس أو بعض الأعضاء، أو مرض معجز... إلخ. (ب) أو للعجز عن الكسب وانسداد أبواب العمل الحلال في وجه القادرين عليه، رغم طلبهم له، وسعيهم الحثيث إليه، ورغم محاولة ولي الأمر إتاحة الكسب لهؤلاء، فنسدد ونقارب في هذا الأمر، والله المستعان.