إذا كان يوم 11 يوليو من عام 1969 أكثر الأيام إثارة وندرة لأن حوالي نصف سكان العالم تجمعوا ليشهدوا أبرز وأهم حدث في التاريخ الحديث عندما هبطت مركبة الفضاء الأمريكية اوبللو على سطح القمر ونزل منها رائد الفضاء (أرمنت سترونج) كأول إنسان في تاريخ البشرية تطأ قدماه سطح القمر ذلك قد تم قبل 45 سنة من الآن وأدهش العالم آنذاك. فإن اليوم الخميس 12 يونيو سيجتمع أكثر من نصف سكان الأرض أمام شاشات التلفزيون ليستمتعوا برفع الستار عن الفصل التاسع عشر من أشهر مسلسل رياضي رمضاني لكرة القدم يشهده ملعب كورنثيانز أرينا في مدينة ساوباولو البرازيلية الذي يحتضن حفل افتتاح نهائيات كأس العالم ال «19» لكرة القدم وسيكون الصراع على أشده بين (32) منتخباً تمثل كافة قارات العالم تتنافس في أكبر وأهم تظاهرة كروية عالمية من خلال (64) مباراة تقام على مدى شهر كامل ويوم واحد. وما قيل وما يقال عن مونديال البرازيل أحدث هزة في الكرة الأرضية.. وجعل متابعي كرة القدم في كل أنحاء المعمورة ينسون كل مآسيهم ومصائبهم الخاصة.. وما تمر به البشرية من كوارث وحروب وفواجع وفتن ومحن وبراكين وزلازل وفيضانات.. وكأن منافسات المونديال هي البلسم الشافي. نعم أمر طبيعي أن يطغى صراع المونديال وحرب النجوم بين نخبة لاعبي العالم على تفكير الناس في الليل والنهار.. وأثناء العمل والراحة.. وفي الصحو والنوم. هذه المنافسات ستنسينا متاعبنا وهمومنا اليومية.. وستجرنا بإثارتها ومشاكلها ونجاحاتها ومفاجآتها، وستدخل دون استئذان المجالس وكل بيت ومخدع. لقد بات المونديال الذي يقام كل أربع سنوات ظاهرة كونية تجذب البشرية، وتدخل فيه السياسة والاقتصاد والتاريخ والجغرافيا، بل أصبح ميداناً للتباهي والفخر بين الدول. فهذه أمريكا سيدة العالم، لكنها في كل مونديال تخرج من الدور الأول، وفي المقابل نجد البرازيل دولة فقيرة ونامية من العالم الثالث هي أكثر الدول مشاركة وفوزاً بشرف هذه البطولة .. (خمس مرات). البرازيل اليوم محط الرحال من قبل مئات الآلاف المؤلفة من عشاق كرة القدم الذين توافدوا ليشهدوا هذا الحدث التاريخي العظيم، وسيحضر حفل الافتتاح أكثر من عشرين ملكاً ورئيس دولة. لقد أضحى المونديال ضياءً للمعرفة، ومنارة للحضارة، ومقياساً لرقي الأمم، ولعل احتكار ثماني دول فقط لقب هذه البطولة منذ ولادتها بالأرغواي عام 1930 حتى الآن وهذه الدول هي: البرازيل (5مرات) والمانيا وايطاليا (3مرات) والأورغواي والأرجنتين (مرتان) وانجلترا وفرنسا واسبانيا (مرة واحدة). وأعتقد أن أبرز السلبيات المرافقة لمونديال البرازيل ظاهرة إقالة المدربين فلسان المونديال يردد قول الحجاج بن يوسف الثقفي : (إني أرى رؤوساً قد أينعت وحان قطافها...). والمونديال كان ومازال مذبح المدربين الذين يحولهم من شموع إلى شماعات.. فهل سنشهد ولادة بطل جديد كما فعلت اسبانيا في مونديال جنوب افريقيا؟ أم سيبقى الاحتكار من شأن الكبار؟ والى اللقاء. [email protected]